فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا ، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبداللّه عليهالسلام ، وقال لي : إنّ أبا الخطّاب كذب على أبي عبداللّه ، لعن اللّه أبا الخطاب ، وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسّون هذه الاحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبداللّه ، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن ، فإنّا إن تحدّثنا حدّثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة ، إنّا عن اللّه ورسوله نحدِّث ، ولا نقول قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا ، إنّ كلام آخرنا مثل كلام أوّلنا ، وكلام أوّلنا مصدِّقٌ لكلام آخرنا ، فإذا أتاكم من يحدّثكم بخلاف ذلك فردُّوه عليه ، وقولوا : أنت اعلم وما جئت به! فإنّ مع كلِّ قولٍ منّا حقيقة وعليه نورا ، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك من قول الشيطان (١).
بلى حقّ للقميّين أن يخافوا على الشريعة ، وأن يحتاطوا في الدين ، وأن لا يأخذوا إلاّ ممّن يثقون به ، لكنّ ما يتجاوز عن حدّه ينقلب إلى ضده ، فنحن لا ننكر بأنّ المغيرة بن سعيد ، وبيان بن سمعان ، وأبا الخطّاب ، وامثالهم ، قد دسّوا أخبارا في روايات الأئمّة ، والأئمّة كانوا لا يرتضون ما يرو يه هؤلاء وأمثالهم.
لكنّ هذا لا يجيز لهم طعنهم في يونس بن عبدالرحمن ـ راوي الخبر الآنف الذكر وأمثاله ـ والذي قال عنه الرضا عليهالسلام : يونس في زمانه كسلمان الفارسي في زمانه (٢) ، وهو الذي ضمن له عليهالسلام الجنة ثلاث مرات (٣).
قال أبو جعفر الجعفري : ادخلت كتاب يوم وليلة الذي ألّفه يونس بن عبدالرحمن على أبي الحسن العسكري فنظر فيه وتصفّحه كلّه ، ثم قال : هذا ديني ودين آبائي ، وهو الحقّ كله (٤) ، وعن أبي جعفر عليهالسلام مثله (٥).
__________________
(١) رجال الكشي ٢ : ٤٨٩ / الرقم ٤٠١ ، وعنه في بحار الانوار ٢ : ٢٤٩ / الرقم ٦٢.
(٢) رجال الكشي ٢ : ٧٨١ / الرقم ٩١٩ ، ٢ : ٧٨٢ / الرقم ٩٢٦.
(٣) رجال الكشي ٢ : ٧٧٩ / الرقم ٩١١.
(٤) رجال الكشي ٢ : ٧٨٠ / الرقم ٩١٥.
(٥) رجال الكشي ٢:٧٨٠ / الرقم ٩١٦ ، وانظر ٩١٣ ، عن أحمد بن أبي خلف قريبا منه.