بحوث فكرية عقائدية فقهية قيّمة ، لأنّ هذا البحث مرتبط بموضوع حسّاس ومهم ، وشعار لمذهب يعتنقه مئات الملايين من المسلمين ، وفي الوقت نفسه هو سؤال لملايين المسلمين في جميع البلدان ، فإنّ موضوعا كهذا لَحَرِيٌّ أن يدرس من قبل العلماء وبكتابات حديثة معاصرة يفهمها الجميع.
كل هذا هو الذي دعاني لأن أدلو بدلوي معطيا رأيي في هذا المجال ، غير مدّعٍ بأني قد أوفيت البحث حقّه ، بل هو مبلغ وسعي وغاية جهدي ، ومن اللّه أرجو التوفيق.
موكِّدا للقارئ العزيز بأنّ ما سأطرحه هنا هو عرض لوجهة نظر ـ جل أو كلّ ـ الإمامية وبيان لما قاله فقهائهم وأعلامهم.
ولا أريد أن أُثبت شرعيّة الشهادة الثالثة للاخرين العامة ، لا لصعوبة الأمر ، بل لعدم الضرورة لبحث كهذا الآن ، إذ أنّ إثبات الشهادة الثالثة وما يماثلها سهل وفق أُصولهم الفقهية والأُصولية والروائية ؛ وذلك لأنّ غالبيّتهم يقولون بعدم توقيفيّة الأذان ، وأنّه شُرّع وفق منام رآه أحد الصحابة ، وفي آخر : أنّه شُرّع طبق استشارة من النبيّ مع أصحابه ، وقيل : بأنّ الأذان شرّع أَوّلاً بقول المؤذّن : « الصلاة الصلاة » ، ثم أُضيفت إليه الشهادة بالتوحيد ، وأن عمر بن الخطاب أضاف إليه الشهادة بالنبوّة.
ولهم اُصول اُخرى كالقول بأنّ الحَسَنَ هو ما حَسَّنه الناس (١) ، وكالقول بالمصلحة وأشباهها.
كلّ هذه الأُصول تسهّل الأمر للقول بشرعيّتها عندهم ، لكنّا الآن في غنىً عن ذلك ، بل الذي نريد الإشارة إليه هو عرض سريع لما جرى على الأذان بعد رسول
__________________
(١) الاثار ، لمحمد بن الحسن الشيباني : ٨١ كتاب الأذان / ح ٥٩ ، عن حماد بن إبراهيم أنّه سال ابا حنيفة عن التثويب؟ قال : هو ما احدثه الناس ، وهو حسن مما احدثوه.