ـ صاحب خان عاصم ـ ألف سوط ، لأ نّه شهد عليه الشاهدون أنّه يشتم أبا بكر وعمر ويقذف عائشة ، فضرب بالسياط وترك في الشمس حتى مات ، ثم رُمي به في دجلة (١).
وفي معالم العلماء في ترجمة علي بن محمد بن عمار البرقي ، وهو من شعراء أهل البيت المجاهرين ، قال : حرقوا ديوانه وقطعوا لسانه (٢).
فإذا كان المتوكّل يقطع لسان شاعر ينشد في فضل علي ، أو يضرب ألف سوط لشتم أبي بكر وعمر ، ويهدم قبر الحسين ، فهل من المعقول أن يسمح في الاجهار بولاية علي من على المآذن؟ الجواب : لا وألف لا ، فالكلّ تراهم سكوتا ، لكنّ الشهادة بفضلهم ـ كناية أو تصريحا ـ من الأوّليات في كلّ جامع.
والمتامل في تاريخ الشيعة يقف على شدّة الخوف الذي كان يحيط بهم ، فكانوا يخافون حتّى من أصدقائهم ، وقد نقل ياقوت الحموي في ترجمة عمر بن إبراهيم ـ المتوفّى ٥٣٩ ه ، وهو من أحفاد الإمام زيد الشهيد ـ أنّه لم يُطْلِعِ السمعاني الحنفيّ المذهب على الجزء المصحّح بالأذان بحيّ على خير العمل ، وأخذه منه وقال له : هذا لا يصلح لك ، له طالب غيرك (٣) ، ثمّ عَلَّلَ سرّ وجود مثل هذه الكتب والأجزاء مصحّحة عنده بأ نّه ينبغي للعالم أن يكون عنده ، كلّ شيء ، فإنّ لكلّ نوعٍ طالبا.
كلّ ذلك لأنّ الفقه الحاكم آنذاك كان فقه أبي حنيفة وأن السمعاني كان منهم ، وعمر بن إبراهيم وغيره من الطالبيين كانوا يخافون بطش السلطان.
ومثله كلام إبراهيم بن عبداللّه بن الحسن المار ذكره في الدراسة السابقة عن
__________________
(١) انظر تاريخ بغداد ٧ : ٣٥٧ ، تاريخ دمشق ١٣ : ١٣٥ ، المنتظم ١١ : ٢٨٣.
(٢) معالم العلماء : ١٨٢ ، وأعيان الشيعة ٨ : ٣٢٨.
(٣) معجم الادباء ٤ : ٤٢٨ ، تاريخ الإسلام للذهبي ٣٦ : ٥١٦ ، ذيل تاريخ بغداد لابن النجار ٥ : ١٠.