هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإنّ بني أميّة ـ وكما قلنا ـ سعوا لتحريف اُمور كثيرة في الأذان ، وقد وقفت على بعضها ، وكان الطالبيون لا يستطيعون الجهر بالحيعلة الثالثة من على المآذن في عهدهم ، فكيف بالشهادة الثالثة؟!
لذلك اكتفوا ـ عند عدم المانع أيضا ـ بالإجهار بـ « حيّ على خير العمل » الحاملة لمعنى الولاية ، وفي حالات خاصّة كانت تفتح بجمل دالّة عليها ؛ إن أمنوا من مكر السلطان ، أو إذا أرادو إظهار فضل آل البيت ، أو التصريح بموقفهم السياسي والعقائدي في الخلافة.
فـ « حيّ على خير العمل » و « محمد وعليّ خير البشر » و « محمد وآل محمد خير البرية » وأمثالها كانت شعارات دالة على الاعتقاد بولاية عليّ وأهل البيت ، يستعينون بها في الأذان وغيره لإظهار أحقيّة (١) وفضل علي واولاده المعصومين فإنّهم كانوا يقولون بها ، لأ نّهم قد وقفوا على شرعيّتها من قبل أئمتهم.
إنّ الحيعلة الثالثة كانت تقال على عهد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد فُتح مدلولها بالفعل من قبل بعض الصحابة ، لكنّ فتحها لم يكن حالة سائدة وشعارا لكل الشيعة في جميع الأصقاع ، بل كان يقولها بعض الخُلّص من الصحابة العارفين بمكانة أهل البيت التي أنزلهم اللّه فيها.
وإنّ الإمام الكاظم بقوله آنف الذكر أراد الإشارة إلى هذه الحقيقة الشرعية التأريخية ، وأنّ هذا العمل هو ممّا كان يعمل عليه في العصر الأوّل ، لكنّ عمر لم يرتضِ شيوع هذه الثقافة عند المسلمين ، فجدّ لحذفها ؛ بدعوى أنّ الناس سيتركون الجهاد تعو يلاً على الصلاة.
إنّ قول « حيّ على خير العمل » ـ وكما قلنا ـ بظاهره لا يفهم منه الدعـوة إلى
__________________
(١) كما في التأذين بـ « حيّ على خير العمل » في ثورة صاحب فخ.