بالشهادة بالولاية لعلي في الأذان طبقا لجزئية الحيعلة الثالثة فيها ؛ فكانوا يفتحون دلالتها بصيغ متفاوتة ، وقد تختلف تلك العبارات ؛ فتارة : « محمد وعلي خير البرية » ، وثانية : « محمد وعلي خير البشر » ، وثالثة : « أشهد أنّ عليا ولي اللّه » ، ورابعة : « أنّ عليا أمير المؤمنين حقا » وخامسة ، وسادسة ، وذلك لما في مفهوم كلام الإمام الكاظم وغيره من الأئمّة من دلالات ، وأنّه عليهالسلام ـ بكلامه الانف الذكر ـ أراد أن يعيّن المصداق والمناط في كل ذلك وهو الولاية لآل البيت ، علي وبنيه والسماح لهم بالبيان عن ذلك بأي شكل كان ، وفي المقابل أراد بيان السبب الخفي لمنع عمر لها.
أي ، أنّ المكلّف لمّا كان يعلم بأنّ الولاية هي مطلوب الشارع سواء من جملة « حي على خير العمل » أو من العمومات الكثيرة الأُخرى الدالة عليه ، أو من غيرها ، فإنّه يقف على رجحانها من باب تنقيح المناط ووحدة الملاك حسب تعبير الفقهاء ، وهو : ضرورة الدعوة للولاية بعد الدعوة للرسالة في كلّ مورد ، وهذا هو ما يستفاد من رواية الإمام الكاظم عليهالسلام في سبب حذف عمر لها.
ويتأكد هذا ويستحكم خصوصا حينما نقف على أقوال الأئمّة ، وأنّ الأعمال لا تقبل إلاّ بولايتهم ، وأنّهم هم مفتاح قبول الصلاة ، والزكاة ، والصيّام ، والحجّ ، أي أنّ أيّ عمل وإن كان صحيحا فإنه لا يقبل إلاّ بولايتهم ، فهم شرط قبول الأعمال عندنا (١).
وبهذا فقد انتهينا من بيان المرحلتين الاوليين من مراحل الشهادة بالولاية في الأذان وهي الشهادة لعلي كنائيا من خلال حملة «حي على خير العمل» لان الظروف والاستعداد النفسي لقريش لم يسمح لتشريع الشهادة الثالثة في الأذان
__________________
(١) افرد العلاّمة المجلسي في البحار بابا تحت عنوان ( إنه لا تقبل الاعمال إلاّ بالولاية ) ، وغاية المرام / ب ٤٦ و ٤٧ ، وجامع الاحاديث ١ : ١٩ ، انظر بحار الأنوار ٢٧ : ١٦٦ / الباب ٧. وقد نفتح هذا الأمر في الفصل الثالث من هذه الدراسة.