أضف إلى ذلك أنّ الأصحاب الّذين أجازوا العمل بالروايات المختلفة في الأذان والإقامة ، سواء كانت ٣٥ فصلاً ، أو ٣٧ ، أو ٣٨ ، أو ٤٢ أو غيرها ، قالوا بذلك لصحّة تلك الروايات عندهم ، فكيف يصحّ أن يقول الشيخ الصدوق : « هذا هو الأذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص منه » ، مُغفِلاً الروايات الاُخرى المعمول بها عند الآخرين؟! إذن لا سبيل لحلّ هذا الإشكال إلاّ بأن نقول كما قال الوحيد قدسسره ، أو نقول: إنّها محمولة على التقية ، وهذا ما استظهره الشيخ يوسف البحراني في قوله :
|
والأظهر عندي أنّ منشأ هذا الاختلاف إنّما هو التقية ، لا بمعنى قول العامة بذلك ، بل التقيّة بالمعنى الذي قدّمناه في المقدمة الاولى من مقدمات الكتاب (١). |
والمقصود هو أنّ المعصوم كان يتعمّد إلقاء الخلاف بين شيعته حتى لا يكون هو والدين غرضين للأعداء ؛ إذ لو عرف الأمو يون والعباسيون منهج آل البيت وشيعتهم بوضوح لسهل عليهم الفتك بهم والقضاء عليهم نهائيا.
وبنحو عام وبغضّ النظر عن كيفية تفسير التقية ؛ فإنّ الملاحظ أنّ الصدوق رحمهالله وإن كان معاصرا للدولة البو يهية الشيعية إلاّ أنّه مع ذلك يعتقد جازما بلزوم التقيّة حتى خروج القائم فلا يخلو منها عصر من العصور ؛ وذلك جليٌّ في قوله رحمهالله :
|
والتقية واجبة لا يجوز تركها إلى أن يخرج القائم سلام اللّه عليه ، فمن تركها فقد دخل في نهي اللّه ونهي رسوله والأئمّة صلوات اللّه عليهم (٢). |
الثانية : نظرا لقرينة أخرى يمكن حمل ما رواه الشيخ الصدوق عن أبي بكر الحضرمي وكليب الاسدي على التقيّة ؛ لقوله بعدم البأس بالإتيان بـ « الصلاة خير
__________________
(١) انظر الحدائق الناضرة ٧ : ٤٠٢. وسنأتي بكلامه رحمهالله عند بياننا لكلام الشيخ الطوسي بعد قليل في صفحه ٣١٥ فانتظر.
(٢) الهداية للصدوق : ٥٣.