قال ابن فهد الحلّيّ في المهذّب البارع : ومنها المشهور ... ويقابله الشاذّ والنادر ، وقد يطلق على مرويّ الثقة إذا خالف المشهور (١).
والمراد من « المجمع عليه » الوارد في مقبولة عمر بن حنظلة ـ المرويّة في كتب المشايخ الثلاثة (٢) : ـ .. ليس ما اتّفق الكلّ على روايته ، بل المراد ما هو المشهور بين الأصحاب في مقابل ما ليس بمشهور ، ويوضح ذلك قول الإمام عليهالسلام : « ويترك الشاذّ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك » (٣).
ومعنى كلام الإمام أنّ الشاذّ النادر قد يكون من أقسام الحديث الصحيح الذي لا يعمل به ، لوجود ما هو أقوى منه أو أنّه صدر لظروف التقية ونحوها.
إذن الشذوذ في الغالب هو وصف للمتن لا للسند ، فهو مقابل الضعف الذي يأتي غالبا للسند دون المتن ، ولو تأ مّلت في منهج الشيخ رحمهالله في الاستبصار لرأيته يسعى للجمع بين الأخبار ورفع التعارض فيما بينها بعد أن ييأس من الأخذ بالراجح ، وإنّ جمعه بين الأخبار الشاذّة والمعمول بها في بعض الأَحيان يُفهِمُ بأ نّه رحمهالله لا يحكم على الأخبار الشاذّة بأنّها دخيلة وموضوعة ، بل يرى لها نحو اعتبار عنده وهي داخله عنده ضمن انواع الحديث الاربعة ؛ أي أنّ حجيّتها عنده اقتضائية ، بمعنى أنّها حجّة لولا المعارضة.
ولتوضيح المسألة إليك خمسة نماذج من المجلد الاول من كتابه ( الاستبصار فيما اختلف من الأخبار ) تيمنا بالخمسة من آل العبا :
١ ـ قال الشيخ في « باب البئر يقع فيها الكلب والخنزير وما أشبههما » ـ بعد أن
__________________
(١) المهذب البارع ١ : ٦٦.
(٢) منها قوله عليهالسلام : ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به ، المجمع عليه من أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ، ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه. الكافي ١ : ٦٨ / باب اختلاف الحديث / ح ١٠.
(٣) المهذب للقاضي ابن براج ٢ : ٨.