|
والجواب عما احتج به بعض الاصحاب ، إنما ذكرناه أشهر في النقل ، وأظهر في العمل ، فكان المصير إليه أولى. وقال الشيخ رضياللهعنه في الخلاف : وقد تأولنا الرواية الشاذة ، وأشار إلى هذه الرواية ، وقال في التهذيب : «يحمله قوله «وليس فيما دون الاربعين دينارا شيء» على أن المراد بالشيءِ دينار ، لان لفظ الشيء يصح أن يكنى به عن كل شيء». وهذا التأويل عندي بعيد وليس الترجيح إلاّ بما ذكرناه (١). |
كان هذا بعض الشيء عن الخبر الشاذّ عند القدماء وطريقة تعامل الشيخ الطوسي معه.
الطوسي بين الفتوى بالجواز وشذوذ أخبار الشهادة
تبيّن من الأمثلة التي سقناها آنفا أنّ الشيخ الطوسي لا يعمل بالشاذ إذا ما استحكمت المعارضة مع ما هو مشهور ، لكن إذا أمكنه الجمع فإنه لا يترك الشاذّ ويفتي بمضمونه ، فقد مرّ أنّ الشاذّ عند الشيخ ـ خلال الأمثلة الآنفة ـ يكون دليلاً على الجواز كما في خبر من فاتته صلاة المغرب حتى دخل وقت صلاة العتمة ، وهذا معناه أنّ الخبر الشاذ عند الشيخ قد يصل إلى مرحلة الحجّيّة الفعلية مع إمكانية الجمع ولا يقف على الحجية الاقتضائية فقط.
وبناءً على ذلك نقول : إنّ الشيخ وصف أخبار الشهادة الثالثة بأنّها شاذّة لكنّه مع ذلك قال بجواز الإتيان بها حين جزم قائلاً : « لم يأثم به » ، وليس لهذا معنى إلاّ أنّه أفتى بمضمونها. وهذا معناه أنّ أخبار الشهادة الثالثة لا تنهض لإثبات جزئيّة الشهادة الثالثة في الأذان لشذوذها ، ولأنّ روايات الأذان المشهورة المعوّل عليها
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٥٢٤ ، وانظر كذلك كلام الفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٣٦٣ و ٢ : ٢٥٧.