ومن ذلك أيضا ما رواه الشيخ في كتاب العدّة (١) مرسلا عن الصادق عليهالسلام : أنه « سئل عن اختلاف أصحابنا في المواقيت؟ فقال : أنا خالفت بينهم ».
وما رواه الصدوق رحمهالله في علل الشرائع (٢) بسنده عن [ محمّد بن بشير و [ حريز ، عن أبي عبداللّه عليهالسلام قال : ( قلت له : إنّه ليس شيء أشدّ عليّ من اختلاف اصحابنا ، قال : ذلك من قِبَلِي ».
وما رواه أيضا عن الخزاز ، عمّن حدثه ، عن أبي الحسن عليهالسلام ، قال : « اختلاف أصحابي لكم رحمة ، وقال عليهالسلام : إذا كان ذلك جمعتكم على أمر واحد ».
وسئل عن اختلاف أصحابنا فقال عليهالسلام : « أنا فعلت ذلك بكم ، ولو اجتمعتم على أمر واحد لأُخِذَ برقابكم » (٣).
كان هذا عن المسائل المتباينة في الأحكام ، أمّا ما نحن فيه فلا تباين في أخبار الأذان ، بل بينهما إجمال وتفصيل ، ممّا يمكن الجمع بينها ، وخصوصا بعد أن عرفنا أنّ الاختلاف في الرواية هو خير للأئمّة وأبقى لشيعتهم ، لانه عليهالسلام قال : « ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدَّقَكم الناس علينا ». ثم يكيدون بنا ، وهذا ما لا يريده الأئمّة قطعا.
وعلى هذا الأساس يمكن القول أيضا بناء على ذلك الاحتمال : أنّ روايات الشهادة الثالثة ـ التي وصفها الشيخ الطوسي بالشاذّة ـ قد صدرت عن الأئمّة فعلاً ، لكنّها صدرت لا على نحو التشريع ؛ إذ لا تمتلك ملاكا تامّا للتشريع والفتوى بالاستحباب والقول بالجزئية ، بل صدرت عنهم عليهمالسلام باعتبار أنّ الملاك هنا اقتضائي لا غير.
__________________
(١) عدة الأصول ١:١٣٠ / الفصل ٤ ، في مذهب الشيخ في جواز العمل بالخبر الواحد.
(٢) علل الشرائع ٢ : ٣٩٥ / الباب ١٣١ / ح ١٤ ، وعنه في بحار الأنوار ٢ : ٢٣٦ / الباب ٢٩ / ح ٢٢.
(٣) علل الشرائع ٢ : ٣٩٥ / ح ١٥ / وعنه في بحار الأنوار ٢ : ٢٣٦ / الباب ٢٩ / ح ٢٣.