جواب أبيه.
قال الشيخ يوسف البحراني في الحدائق : فانظر إلى صراحة هذا الخبر في اختلاف أجوبته عليهالسلام في مسألة واحدة في مجلس واحد ، وتَعَجُّب زرارة ، ولو كان الاختلاف إنّما وقع لموافقة العامّة لكفى جواب واحد بما هم عليه ، ولما تعجّب زرارة من ذلك ، لعلمه بفتواهم عليهمالسلام أحيانا بمّا يوافق العامة تقيّة.
ولعلّ السرّ في ذلك أنّ الشيعة إذا خرجوا عنهم مختلفين ، كلٌّ ينقل عن إمامه خلاف ما ينقله الآخر ، هان مذهبهم على العامّة ، وكذّبوهم في نقلهم ، ونسبوهم إلى الجهل وعدم الدين ، وقَلُّوا وتشتَّتوا في نظرهم ، بخلاف ما إذا اتّفقت كلمتهم وتعاضدت مقالتهم ، فانّهم يصدّقونهم ويعلمون أنّهم طائفة كبيرة ذات خطر فيشتدّ بغضهم لهم ولإمامهم ومذهبهم ، ويصير ذلك سببا لثوران العداوة ، ويكون دافعا لاستئصالهم ومحو شوكتهم وإلى ذلك ، يشير قوله عليهالسلام : « ولو اجتمعتم على أمرٍ واحد لصدّقكم الناس علينا وكان أقلّ لبقائنا وبقائكم » (١).
ومن ذلك أيضا ما رواه الشيخ في التهذيب (٢) في الصحيح ـ على الظاهر ـ عن سالم أبي خديجة ، عن أبي عبداللّه عليهالسلام ، قال : « سأله إنسان وأنا حاضر فقال : ربّما دخلت المسجد وبعض أصحابنا يصلّي العصر ، وبعضهم يصلّي الظهر؟ فقال : أنا أمرتهم بهذا ، لو صلّوا على وقت واحد لعُرِفُوا فأُخذوا برقابهم » ، وهو أيضا صر يح في المطلوب ، إذ لا يخفى أنّه لا تطرُّقَ للحمل هنا على موافقة العامّة ، لاتّفاقهم على التفر يق بين وقتي الظهر والعصر ومواظبتهم على ذلك (٣).
__________________
(١) أنظر الحدائق الناضرة ١ : ٦٠ من المقدمة الاولى بتصرف.
(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ٢٥٢ / ح ٣٧ باب المواقيت.
(٣) كما لا يخفى أنّ ملاك تشريع الجمع أرجح لكنّ المانع هو جملة الإمام عليهالسلام « لاخذوا برقابهم ».