أمّا قوله رحمهالله «لأ نّه وضع لشعائر الإسلام ، دون الإيمان » فهو صحيح ان كان يعني الإسلام الصحيح الكامل وهو المتمثل بالشهادة بالولاية لعلي ، لان ليس هناك إسلام صحيح كامل دون الولاية باعتقاد الشيخ تبعا لائمته ، وقد وقفت سابقا على اعتراض الإمام الحسين عليهالسلام لمن اعتبر الأذان رؤيا بقوله عليهالسلام : « الأذان وجه دينكم » ، فلا يتحقق الوجهية للدين إلاّ من خلال الولاية ، ولا معنى للدين عند الأئمة إلاّ مع الولاية ، ولاجل ذلك نرى الإمام الرضا حينما يروي حديث السلسلة الذهبية يقول : « بشرطها وشروطها وأنا من شروطها » ، فقد يكون الشيخ رحمهالله أراد الوقوف امام الذين يريدون ادخال الشهادة الثالثة على نحو الجزئية ، وان قوله الانف جاء لهذا الغرض ، لأ نّه رحمهالله وحسبما عرفت لا يخطا من يأتي بها لرجحانها في ذاته أو مع ذكر سيد المرسلين بل يعتقد بأن الذي يأتي بها يثاب على فعله رحمهالله ، لقوله « فمَن أتى بذلك قاصدا به التأذين ، فقد شرّع في الدّين. ومَن قصدَهُ جزءا من الأذان في الابتداء ، بطل أذانه بتمامه ، وكذا كلُّ ما انضمّ إليه في القصد ، ولو اختصَّ بالقصد ، صحّ ما عداه. ومن قصد ذِكر أمير المؤمنين عليهالسلام ... ».
وعليه فالإسلام لا يتحقّق ولا يكمل إلاّ بالولاية لعلي ، لأنّ ( فِطْرَتَ اللَّهِ ألَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) (١) تشهد بذلك ، وذلك لما روي عن الباقر والصادق عليهماالسلام في تفسير قوله تعالى « فِطْرَتَ اللَّه » قالا : هو لا إله إلاّ اللّه ، محمد رسول اللّه ، عليّ أمير المؤمنين ولي اللّه ، إلى ها هنا التوحيد (٢).
فإذن الولاية هي كالتوحيد والنبوة ؛ إذ لا يمكن فهم الإسلام إلاّ من خلال الاعتراف باللّه ورسوله ووليه ، وقد مرّ عليك أنّ الشارع كان يحبّذ الدعوة إلى الولاية مع الشهادتين في الأذان ، لما جاء في العلل عن ابن أبي عمير أنّه سال أبا
__________________
(١) الروم : ٣٠.
(٢) تفسير القمي ٢ : ١٥٥ ، وعنه في بحار الانوار ٣ : ٢٧٧. وهذا ما سنتكلم عنه في الفصل الثالث من هذه الدراسة تحت عنوان « الشهادة الثالثة الشعار والعبادة ».