محبوبا صار عباديا يمكن الإتيان به في الأذان لا على نحو الجزئية بل على نحو الإشهاد ، والشعارية ، والندائية.
والعلماء كانوا قد عرفوا معنى قوله تعالى : ( يَا أيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنَ رَّبِّكَ وَإِنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) لكنّهم تساءلوا لكي يفهموننا ما مغزى هذه الآية ، وهو : كيف يتساوى تبليغ الرسالة بأجمعها ـ خلال ثلاث وعشرين سنة ـ بتبليغ ولاية علي خلال ساعة من نهار ، إلى درجةِ أنّ تبليغ الرسالة لا قيمة له من دون تبليغ هذه الولاية؟
إنْ العلماء كلّهم على اختلاف ألفاظهم وتعدّد صياغاتهم مجمعون على تعاطي الشعارية لحلّ أمثال هكذا أمور في الشريعة والعقيدة ، لأنّ اللّه جعل الأئمّة من أهل البيت عليهمالسلام معيارا للإيمان وميزانا لقبول الأعمال ، وسفنَ نجاة للبرية ومعالم للدين.
وهذا المنهج يدعونا لإثبات بعض الأحكام العبادية علاوة على الإيمانية ، لأنّ هناك نصوصا عبادية كثيرة ترى ذكر عليّ فيها ، كخطبة الجمعة ، وقنوت الجمعة ، وقنوت الوتر ، والتشهد في الصلاة ، ودعاء التوجّه قبل تكبيرة الإحرام ، وقد سئل الإمام الصادق عليهالسلام عن تسمية الائمة في الصلاة؟ فقال عليهالسلام : أجْملِهْم (١) ، وهو يؤكّد بأن لا رسالة بلا ولاية ، بنص الآية.
وعليه فلا يمكن تعظيم الرسالة إلاّ بتعظيم الولاية ، كما لا يتحقّق الغرض من النداء بالشهادة الثانية إلاّ بالنداء بالشهادة الثالثة ، كما أوضحت موثقة سنان بن طريف وغيرها ، وأنّ اللّه لا يكتفِ بالشهادة لنفسه حتى أردفها بالشهادة لرسوله ، ولم يكتف بالشهادة لرسوله حتى أردفها بالشهادة لوليه.
مفهما ـ جلّ شانه ـ بأنّ الشهادة بالنبوّة لمحمد لا تكفي إلاّ إذا اتّبعوه واخذو عنه
__________________
(١) مستند الشيعة ٥ : ٣٣٢ ، وسائل الشيعة ٦ : ٢٨٥ / ح ٧٩٨١.