إلى دليل ، وأصالة الجواز تجيز ذكرها بحسب البيان المتقدم. فإذا نهض دليل الجواز لإتيان ما هو مستحب في عبادة ما ، أمكن الفتوى بالاستحباب فيه كذلك ، مع الالتفات إلى أنّ الاستحباب هنا هو الاستحباب الشعاري دون التكليفي الخاصّ كاستحباب القنوت في الصلاة ؛ فالثاني يحتاج إلى دليل خاصّ وهو مفقود ، أمّا الأول فأدلته هي المارة من قبيل : « ما نودي بشيء مثل ما نودي بالولاية » وغيرها من النصوص الصحيحة التي سردنا بعضها في هذا الفصل.
ولابد هنا من الإشارة إلى نقطة مهمّة أخرى ، وهي : هل أنّ الإتيان بالذكر الشعاري للشهادة الثالثة في العبادات الأخرى غير الأذان يكفيه الاستدلال المتقدم. كأنْ ندخل جملة « أشهد أنّ عليّا ولي اللّه » في الصلاة الواجبة ، بين آيات الفاتحة أثناء القراءة للصلاة ـ أكثر من مرة ـ فهل تسوّغ أصالة الجواز مثل هذا الذكر الشعاري؟
الجواب : لا يسوغ ذلك على الأشبه في مثل المثال الآنف ؛ لانعدام هيئة الصلاة ، ومحو صورتها حينئذ ، وهذا مانع قويّ من التمسك بأصالة الجواز في هذا الفرض ، ولا يقاس هذا بالذكر الشعاري في الأذان ؛ إذ المسلمون جلّهم أو كلّهم ـ مَنْ منع الشهادة الثالثة ومن لم يمنع ـ سواء كانوا من السنة أم من الشيعة ، لم يروا أنّ الذكر الشعاري يمحو صورة الأذان ، أمّا السنّة فواضح ؛ إذ أنّ جمهورهم لم يقل بمحو صورة الأذان حتى مع إدخال جزء بدعي فيها وهو « الصلاة خير من النوم ».
وأمّا الشيعة فمشهورهم الأعظم لا يرى في الذكر الشعاري مَحْوا لصورة الأذان الشرعية كما ترى ذلك واضحا في سيرة الفقهاء ، وقد تقدمت كلماتهم في ذلك.
نعم يمكن افتراض محو صورة الأذان الشرعي لو كان ادخال الشهادة الثالثة في الأذان ماهو يّا ، لكنّا وفاقا للمشهور لا نأتي بها على أنها جزء داخل في الأذان بل ناتي به على أنّه كلام خارج يذكر مع الأذان تحت عنوان الشعارية دفعا لاتهامات المتهمين ورفعة لشأن أمير المؤمنين.