والذي يدعونا لهذا القول علاوة على الملاك القطعي في الشعارية وأنّ ولاية علي من أعظم شعائر اللّه بل أعظم شعائر اللّه على الاطلاق من بعد الرسالة ـ بشهادة آية البلاغ ـ هو ضرورة توفير المصداقية الخارجية لها في الأذان وفي غيره ، وهذا هو ما يريده اللّه سبحانه وتعالى من الإشهاد بها بعد الشهادتين يوم الميثاق العظيم ، وإلاّ لا معنى لان يخبرنا المعصوم بما لا دخل له بعالم التكليف كما عرفت.
وبعبارة ثالثة :
نحن نعلم بأن المنظومة المعرفية الالهية مترابطة كمال الارتباط ، إذ شاهدت التلازم بين الشهادات الثلاث في القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين ، والآن لنطبق ما نريد قوله في شعيرة الأذان.
فالأذان وحسبما وضحناه سابقا (١) لم يكن إعلاما لوقت الصلاة فحسب ، بل هو بيان لكليات الإسلام وأُصول العقيدة والعقائد الحقة من التوحيد والنبوة والإمامة ـ بنظر الإمامية ـ فلو كان الأذان إعلاما لوقت الصلاة فقط لاكتفى الشارع بتشريع علامة لأداء هذا الفرض الإلهي ، كما هو المشاهد في الناقوس عند النصارى ، والشبّور عند اليهود ، وإشعال النار عند المجوس.
في حين أنّا لا نرى أمثال هذه العلائم في هذه الشعيرة ، بل نرى الإسلام اسمى من كل ذلك فهو يشير في إعلامه إلى كليّات الشريعة وأصول الدين الأساسية قولاً وعملاً ، وهذا ما لا نشاهده عند الأديان الأخرى ، فهو الدين السماوي الوحيد الذي يلخّص أصول عقيدته كلّ يوم عدة مرات ـ في هذه الشعيرة ـ لتكون تذكرة لمتّبعيه ، وإعلاما للآخرين بأصول هذا الدين.
فالأذان إذن يحمل في طيّاته معاني سامية ، وله آثار كثيرة في الحياة الاجتماعية
__________________
(١) في كتابنا « حي على خير العمل الشرعية والشعارية » : ١٤٩.