غير الإعلام بوقت الصلاة ، كالتأذين في أُذن الصبي عند ولادته ، ولإِبعاد المرض عن المبتلين ، ولطرد الجنّ ، ولرفع عسر الولادة والسقم ، ولسعة الرزق ، ولرفع وجع الراس ، وسوء الخلق ، ولمشايعة المسافر .. إلى غيرها من عشرات المسائل التي ورد فيها نصّ خاص بالتأذين فيها.
وبما أنّ تشريع الأذان سماويّ وليس بمناميٍّ ـ حسبما فصلناه سابقا ـ (٢) وأنّه ليس إعلاما لوقت الصلاة فقط ، فلابدّ أن يحمل بين فقراته معاني سامية واُصولاً سماو ية لا يرقى إليها شكٌّ قد أقرّها النبي وأهل بيته والقرآن ، ولأجل ذلك ترى منظومة العقائد الإلهيّة مترابطة في الأذان ترابطا وثيقا في المفاهيم والأعداد.
وكذا بين فصوله ترى تصويرا بلاغيا رائعا ، فالمؤذّن بعد أن يشهد للّه بالوحدانية مرتين : « أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه » تقابلها الدعوة له بالصلاة لربه مرتين : « حي على الصلاة ، حي على الصلاة » معلما الشارع المكلّف في الفقرة الثانية بأن الشهادة للّه لا تكفي إلاّ من خلال عبادته وطاعته ، لأنّ الصلاة لا تؤدَّى إلاّ للّه.
وانّ اللفّ والنشر الملحوظ بين الشهادة الأولى والصلاة للّه يعلمنا بأنّ اللّه هو الأول والآخر في كل شيء ، تشريعا وتكو ينا ، لأنّ بدء الأذان بكلمة « اللّه » وختمه بكلمة « اللّه » ليؤكّد بأنّ كل الأمور مرجعها إلى اللّه ، وأنّ كل ما أُعطي لرسوله محمد أو لغيره إنّما هو من عنده جل وعلا.
وبعد الإقرار بالوحدانية للّه يأتي دور الشهادة لرسوله الأمين مرتين : « أشهد أنّ محمدا رسول اللّه ، أشهد أنّ محمدا رسول اللّه » وقبال هذه الشهادة توجد حيعلتان « حي على الفلاح ، حي على الفلاح » والتي تدعو إلى لزوم اتّباع الرسول.
ومن المعلوم أنّ الفلاح اسم جنس يشمل الصلاة ، والجهاد ، والأمر بالمعروف
__________________
(١) في كتابنا « حي على خير العمل الشرعية والشعارية » : ٥٩ وما بعده.