بدأنا الحديث في هذا الفصل عن معنى الشّعار يّة لغة واصطلاحا ، ووجوب الحفاظ على الشعائر لأ نّها طاعة للّه ولرسوله ، وفيها أثبتنا أنّ الولاية لعلي من أسمى الشعائر الإيمانية ، لأنّ اللّه أمر مناديا أن ينادي بالشهادة الثالثة ، ولم يكتفِ سبحانه وتعالى بالمناداة بالشهادتين حتّى ثلَّثهما ، وأنّ النداء بهذا في ذلك العالم ـ قبل عالم التكليف ـ ليشير إلى أهمية هذا الموضوع عنده سبحانه بحيث يريده أن يصَبح شعارا ومعلما له في عالم الدنيا.
إنّ هذه الرواية وغيرها كانت من أدلتنا على كون الشهادة لعلي من شعائر الإيمان وأنّها محبوبة عند الشارع ، ثم تساءلنا عن مدى إمكان ذكر هذه الشعيرة الإيمانية في أمر عبادي كالأذان ، موضحين من خلاله كلام السيّدين الحكيم والخوئي رحمهما اللّه تعالى ، وأنّ هناك أربعة تخاريج استند على أساسها الفقهاء للقول بالجواز ، أو استحباب التأذين بالشهادة الثالثة من باب الشّعاريّة ، علاوة على التخاريج الآنفة في الفصول السابقة ، والتخار يج الاربع هي :
١ ـ أصالة الجواز : بعد ثبوت وجود ملاك النداء والاعلان بالشهادة الثالثة في ذلك العالم ، وجواز الحثّ عليها والدعوة إليها من قبل الإمام الكاظم عليهالسلام في عالم الدنيا ، ومع ورود شواذّ الأخبار من قبل الأئمة في الشهادة بالولاية ، وعدم علمنا سبب ترك الأصحاب لها وقد يكون تقية ، فإنّ أصالة الجواز ناهضة للقول بجواز الإتيان بالشهادة الثالثة حسبما وضّحناه سابقا ، خصوصا لو كان ذكرنا لها شعاريا لا ماهويا وجزئيا.
٢ ـ تنقيح المناط والقطع بالملاك : وهذا التخريج مبنيٌّ على عدم وصول النوبة إلى الأصول العملية كأصالة الجواز وغيرها ، إذ نقطع بوجود مصلحة للشهادة بها