وأنت خبير بأنّ شيئا ممّا ذكر ـ بل ولا جميعها ـ لا يقتضي كون أحاديثنا كلّها قطعيّة الصدور ، وغاية ما يمكن أن يسلّم هو إفادتها الظنّ القوي في جملة من الأخبار ، وهو لا يغني عن ملاحظة أحوال الرجال ؛ ضرورة أنّ احتمال إيراث مراجعة أحوالهم زيادة الاطمئنان أو زواله بالمرّة يكفي في وجوب الرجوع بعد ما علم من لزوم بذل تمام الجهد في تحصيل الحكم الشرعي ، وعدم جواز المسامحة فيه بوجه ، وعدم حجّية مطلق الظنّ إلاّ عند العجز عن تحصيل العلم أو الاطمئنان (١) ، كما لا يخفى (٢).
والعجب كلّ العجب من صاحب المستند ـ حيث إنّه بعد جعل أحد احتمالات الحاجة إلى علم الرجال ؛ توقف تحصيل الظنّ القوي الواجب تحصيله في مقام الاستنباط على علم الرجال ، ثمّ ردّه بمنع وجوب تحصيل
__________________
ـ ونقوض كثيرة ، ذكر منها صاحب الوسائل اثنين وعشرين وجها كما في وسائله ٩٦/٢٠. وانظر خاتمة وسائل الشيعة ٢٢٠/٢٠ وما بعدها من الفائدة السابعة(التوثيقات العامة) ، وكذا صفحة : ٢٥١ ، وصفحة : ٢٥٢.
وقد فصّلنا الحديث عنه في تعليقاتنا واستدراكاتنا على مقباس الهداية ، وسيأتي هنا مجملا قريبا.
(١) كذا ، والظاهر عدم وجود خبر لقوله : ويكفي في وجوب الرجوع ..
(٢) هذا مع مفروغية كون الدليل استحسانا صرفا ، وعدم حجية أخبار الآحاد محكم إلاّ ما قام عليه الدليل ، ومع القطع بوجود المراسيل والضعاف كيف يقال بحجية الكل؟!بل كلمات الأعلام منصبّة إلى خبر الثقة أو ما قام عليه الاطمئنان ، فلاحظ.