فإنّ فيه : وضوح الفرق بين المقامين ، فإنّ مقامات الإخبارات تختلف في الظهور :
ففي ما صنّف في الجرح والتعديل كتاب يرجع إليه من احتاج إلى الجرح والتعديل في تصحيح الأخبار يظهر من المخبر إرادة التزكية.
وفي مقام بيان الفتوى والاستدلال عليه يظهر منه إرادة الإخبار عن الفتوى ، وعن أنّ الدليل لذلك حجّة على زعمه.
وفي مثل الكتب الأربعة المذكورة فيها سند الأدلّة يظهر من المخبر إرادة بيان فتواه وإراءة مستندة ، حتّى يستند إليه من بعده من المجتهدين إن اطمأن بصحّة الدليل.
فتلخّص من جميع ما ذكرنا وضوح حاجة المجتهد في اجتهاده إلى علم الرجال ، لتوقّف استفراغ الوسع في تحصيل الحكم الشرعي الواجب عليه على مراجعته (١).
__________________
(١) هذا ، والقول بالتخير هنا ـ كما حكاه المشكيني في الوجيزة في علم الرجال : ٢٣ عن استاذه صاحب الكفاية ـ من أنّ المدار في الأخبار على الموثوق الصدور منها ، وعليه فكل ما كان محصل لذلك المناط فهو كاف .. ومن جملة مصاديقه علم الرجال ..
وفيه : أنّه موقوف على كون الحجة منحصرة في ذلك أوّلا ، وعلى أنّ كل خبر يحصل الوثوق بصدوره من المراجعة إلى علم الرجال يحصل الوثوق بصدوره من سائر الأسباب .. وكلاهما ممنوعان.