سلّمنا ؛ لكنّهم يخبرون بصحّتها عندهم ، وهو لا يجدي بالنسبة إلى غيرهم من المجتهدين ، سيّما بعد وضوح كون صحّتها عندهم ناشئة من الترجيح والرجوع إلى أحوال الرجال .. أو غير ذلك ، فهي بالفتوى أقرب من الشهادة والخبر ، بل هي منها ؛ لكونها إخبارا عمّا اجتهد فيه في المسألة الأصولية ، وهي مسألة حجّية أخبار الآحاد.
فإن قلت : إنّ مورد خبرهم الواقع.
قلنا : لكنّا نعلم أنّ طريقه إنّما هو فهمهم وحدسهم ، ولا دليل على تصديق مثل هذا الخبر تصديقا خبريّا ، بل هو إنّما يصدّق تصديقا مخبريّا ، بمعنى عدم حمله على الكذب بحسب اعتقاده.
فسقط بما ذكرنا كلّه ما صدر عن جمع من المحدّثين ـ منهم قاشانيّهم في الوافي (١) ـ من قول : إنّ مدار الأحكام الشرعيّة [اليوم] على هذه الاصول الأربعة ، وهي المشهود عليها من مصنّفيها بالصحّة ، [ولا مدخل لما ذكر في ذلك] فإن كانوا لا يعتمدون على شهادتهم بصحّة كتبهم ، فلا يعتمدوا على شهادتهم وشهادة أمثالهم في الجرح والتعديل أيضا. انتهى.
فإنّ فيه : ما عرفت من المنع صغرى وكبرى.
وأوهن منه قوله (٢) بعد ذلك : وأيّ فرق بين الأمرين. انتهى.
__________________
(١) الوافي ٢٤/١ ، ولاحظ ما قبله.
(٢) المصدر السالف ، نفس المجلّد والصفحة.