مبذولة على تأليف ما يعمل به الفرقة المحقّة ، وعرضه على الأئمّة عليهم السلام.
وقد صنّفوا الاصول الأربعمائة من أجوبتهم ، وما كانوا يستحلّون الرواية ما لم يجزموا بصحّتها ، وقد عرضوا على الصادق عليه السلام كتاب عبد اللّه بن علي الحلبي فاستحسنه ، وعلى العسكري عليه السلام كتاب يونس ابن عبد الرحمن ، والفضل بن شاذان فأثنى عليهما.
وكانوا يوقفون شيعتهم من أحوال الكذّابين ، ويأمرونهم بمجانبتهم ، وعرض ما يرد من جهتهم على الكتاب والسنة ، ويستبعد أنّ ثقاة أصحاب الأئمّة عليهم السلام إذا سمعوا من أئمّتهم مثل ذلك أن يستحلّوا بعد ذلك نقل ما لا يثقون بصحّته ، مع أنّ ما يظهر من بعض الأحاديث أنّ الأخبار التي يدسّونها إنّما كان من أحاديث الكفر والزندقة والإخبار بالغرائب .. ومن علم سيرة الأصحاب يعلم ما ذكر ، حتّى أنّهم شدّدوا الأمر في ذلك ، حتّى ربّما تجاوز الحدّ ، بل كانوا يجانبون الرجل بمجرّد التهمة بذلك ، كما وقع لأحمد بن محمّد بن عيسى مع البرقي وسهل بن زياد.
ومن الظاهر أنّه مع شهرة الأمر في معدودين لا يعتمد أحد ممّن اطّلع على أحوالهم على رواياتهم إلاّ بعد اقترانها بما يوجب صحّتها.
وقد نقل الصدوق رحمه اللّه في العيون (١) حديثا ، في سنده محمّد بن
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢١/٢ ـ ٢٢ ، والحديث صفحة : ٢٠ ـ ٢١ ، وقد أورده هنا نقلا بالمعنى.