وأنت خبير بما في جوابه هذا من النظر ؛ ضرورة أنّ مكّة والمدينة من قطر واحد ، واختلاف مطلعهم ممنوع ، ودعواه نشأ (١) من عدم الاطّلاع على قواعد الهيئة والنجوم ، ومن كان له خبر بذلك علم أنّه لا يعقل اختلاف الهلال في المدينة مع مكّة ، فعلى فرض أنّ أهل المدينة بنوا على كون أوّل ذي الحجّة الجمعة لعدم رؤيتهم إلاّ ليلتها يلزمهم بعد عود النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من الحجّ ، وتبيّن رؤيتهم الهلال في مكّة ليلة الخميس أن يعدلوا عمّا هم فيه ، ويبنوا على كون أوّل ذي الحجة الخميس .. فالحق أنّ الإشكال المذكور لا مدفع له.
ومثله يجري فيما روته الشيعة (٢) أيضا من كون وفاته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم اليوم الثامن والعشرين من صفر ؛ لأنّا إن فرضنا ذي الحجة ومحرّم تامّين ، كان أوّل صفر يوم الاثنين ، وكان الثامن والعشرون يوم الأحد ، وإن فرض نقصان أحد الشهرين كان أوّل صفر يوم الأحد وكان
__________________
ـ كانت وقفته في الجمعة في السنة العاشرة إجماعا ، ولا يتصور مع ذلك وقوع الاثنين ثاني عشر شهر ربيع الأوّل من السنة التي بعدها. ثمّ قال : فتأمّل. إلاّ أنّ اللاهيجي رحمه اللّه في كتابه خير الرجال : ٣٧ ـ ٣٨ (النسخة الخطية) ـ بعد ذكره لكلام ابن العماد ـ قال في آخره : وهو قول عظيم وبحث مستقيم ، فلهذا اثبتّه!
(١) كذا ، والظاهر : نشأت.
(٢) وقد سلفت مصادره مسهبا ، فلاحظ.