بقي هنا الإشكال الذي يوجّه إلى جملة من العلوم ، وهو أنّ العلم في الحقيقة : ما يستفاد منه قواعد كلّية يقتدر بها على معرفة الجزئيّات الغير المحصورة ، ويحتاج إلى النظر وإعمال القوّة .. وليس هذا العلم بهذه المثابة ؛ لعدم استناد حصوله إلاّ إلى الحواسّ الظاهرة الخارج إدراكاتها من زمرة العلوم.
والجواب عن الإشكال :
أوّلا : منع كون العلم حقيقة فيما ذكره ، بل كلّ ما جمع مطالب متناسبة يجمعها عنوان عامّ فهو علم.
وثانيا : إنّ هذا العلم ـ أيضا ـ متضمّن للقواعد الكلّية التي يقتدر بها على معرفة الجزئيّات ، فإنّه يتضمّن وثاقة جمع ، وضعف آخرين ، ويقتدر بالاطّلاع
__________________
ـ لو سلّمنا بضرورة أصل التعريف في مقدمة كل علم ، والحاجة إلى تحديد موضوعه ، فتدبّر.
ولا شكّ بأنّ الذي يلزم معرفته من حال الراوي ما كان له دخلا في الاعتبار وعدمه ولو بالوسائط لا مطلقا ، بمعنى الحال الذي ينقّح لنا موضوع الرجال.
والغريب ممّن أدعى التعريف بالحد ـ أي ما يبين حقيقة الشيء ـ معرضا عن سائر التعاريف المألوفة ويقع فيما هرب منه بقوله : العلم الباحث عن أحوال الرواة وأوصافهم من حيث الرواية .. ولم نعرف أين الجنس والفصل القريبين فيه؟!وما فرقه عن غيره من التعاريف خاصة الأخير ، والحقّ أنّ التعاريف غالبا ـ إن لم نقل كلا ـ شرح اسم فضلا عن كونها رسم فكيف تكون حدا؟!.