والجواب :
أوّلا : إنّ شأن أهل الرجال بيان حال الراوي ، فإذا قيل : إنّ فلانا عدل ، فهو في قوّة : إنّ فلانا الراوي عدل ، فيكون من باب تعليق الحكم على الوصف ، فيتّحد زمان الرواية والعدالة (١) ، مع أنّ قرينة الحال في وضع كتب الرجال وعدم اعتناء العلماء بهذه الدقّة يكشف عن ذلك أيضا.
وثانيا : إنّ التزكية تحمل على الزمان المتأخّر ، فإذا ثبتت عدالته فيه ، كان تقرير العدل لما سبق منه من الروايات ـ مع لحوق الإجازة به ـ بمنزلة الرواية ، فتقارن زمان العدالة وزمان الرواية ، فكان إبقاء ما كان من كتبه ومرسوماته ومرويّاته على حاله بمنزلة رواية إجماليّة ، وإجازة عامّة.
ألا ترى أنّ الشيخ الطوسي مثلا لمّا كتب التهذيب والاستبصار لم يقل لجميع الناس : ارووا عنّي .. فوضع الكتاب لغرض الرواية وتسويغ نقل الحديث عنهما ، وحال الاستدامة كحال الابتداء.
فظهر من ذلك أنّ من صنف أصلا ، أو رسم رواية في حال فسقه ، ثمّ صار ثقة ، ومضى زمن يمكن فيه التغيير على تقدير تعمّد الكذب ، أو ظهور الخطأ ، ولم يفعل ، جازت الرواية عنه ، ولم يقدح فيه فسقه حال التحمّل ، أو
__________________
(١) وليس غرضهم إثبات وصف العدالة للراوي في الجملة حتّى لا يفيد ؛ إذ السيرة قائمة في الأخذ بمن وثقوا وطرح من ضعفوا ، لانصرافه إلى حال الرواية.