عامل علي عليهالسلام على البصرة وعبيد الله على اليمن ، وصرّح به السيّد الرضي رضياللهعنه في مواضع متعدّدة من نهج البلاغة (١) ، وكذا ابن أبي الحديد في الشرح ، ومن ذلك ما نقل من أنّه خطب ابن الزبير بمكّة على المنبر وابن عبّاس جالس مع الناس تحت المنبر فقال : إنّ هاهنا رجلا قد أعمى الله قلبه كما أعمى بصره يزعم أنّ متعة النساء حلال من الله ورسوله ويفتي في القملة والنملة ، وقد احتمل بيت مال البصرة بالأمس وترك المسلمين بها يرتضخون النوى ، وكيف ألومه في ذلك وقد قاتل أمّ المؤمنين وحواري رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال ابن عباس. إلى أن قال : يا ابن الزبير أمّا العمى فإنّ الله تعالى يقول : ( فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) (٢) ؛ وأمّا فتياي في القملة والنملة فإنّ فيهما حكمين لا تعلمهما أنت ولا أصحابك ؛ وأمّا حملي المال فإنّه كان مالا جبيناه فأعطينا كلّ ذي حقّ حقّه وبقيت بقيّة هي دون حقّنا في كتاب الله فأخذناها بحقّنا ؛ وأمّا المتعة فسل أمّك أسماء. إلى آخر كلامه (٣).
وفي موضع آخر منه : قال الراوندي : المكتوب إليه عبيد الله لا عبد الله.وليس كذلك ، فإنّ عبيد الله كان عامل علي عليهالسلام على اليمن وقد ذكرنا قصّته مع بسر بن أرطاة ، وقد أشكل عليّ أمر هذا الكتاب ، فإن أنا كذّبت هذا النقل وقلت : هذا الكلام موضوع على أمير المؤمنين عليهالسلام ، خالفت الرواة ، فإنّهم قد أطبقوا على روايته عنه وذكر في أكثر كتب السير ، وإن صرفته إلى عبد الله بن عبّاس صدّني عنه ما أعلمه من ملازمته لطاعة أمير
__________________
(١) نهج البلاغة : ٣ / ٢٠ و ١٤٩ ، ١ / ٥٩.
(٢) الحجّ : ٤٦.
(٣) شرح ابن أبي الحديد : ٢٠ / ١٢٩.