ويجب البدأة بأعلى الوجه الى آخر الذقن ـ في الأصح ـ فلو نكس بطل ، لصحيح زرارة بن أعين ، قال : حكى لنا (١) أبو جعفر عليهالسلام وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فدعا بقدح وماء ، فادخل يده اليمنى وأخذ كفّا من ماء فأسدلها على وجهه من أعلى الوجه ، ثم مسح بيده الحاجبين جميعا ، ثم أعاد اليسرى في الإناء فأسدلها على اليمنى ، ثم مسح جوانبها ثم أعاد اليمنى في الإناء ، ثمّ صبّها على اليسرى فصنع بها كما صنع باليمنى ، ثم مسح ببقيّة ما بقي في يديه رأسه ورجليه ولم يعدها في الماء (٢).
ولأن الوضوء الذي وقع من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بيانا وقال : « هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلاّ به » (٣) ـ اي : بمثله ـ يمتنع ان يكون البدأة فيه بغير الأعلى ، وإلاّ لما جازت البدأة بالأعلى.
والمرتضى وابن إدريس : يستحبّ ، فيصح النكس (٤) ، للعموم ، ولصحيح حماد بن عثمان عن الصادق عليهالسلام : « لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا » (٥).
قلنا : العموم يخصّ بدليل ، والمسح غير الغسل.
وهنا مباحث :
الأول : هذا التقدير للأغلب من الناس ، فغيره ـ كالأنزع (٦) والأغم (٧) وطويل الأصابع وقصيرها ـ يرجع الى الأغلب ، حملا للّفظ على الحقيقة العرفية ، مع التمسّك بأصل البراءة في الزائد ، وبشغل الذمة في الناقص.
__________________
(١) في م ، س : لي.
(٢) التهذيب ١ : ٥٥ ح ١٥٧ ، الاستبصار ١ : ٥٨ ح ١٧١ ، وفي الكافي ٣ : ٢٤ ح ١ بتفاوت.
(٣) السنن الكبرى ١ : ٨٠.
(٤) الانتصار : ١٦ ، المسائل الموصلية ١ : ٢١٣ ، السرائر : ١٧.
(٥) التهذيب ١ : ٥٨ ح ١٦١ ، الاستبصار ١ : ٥٧ ح ١٦٩.
(٦) الأنزع : هو الذي انحسر الشعر عن جانبي جبهته ، الصحاح ـ مادة نزع.
(٧) الأغم : من الغمم ، وهو أن يسيل الشعر حتى تضيق الجبهة أو القفا ، الصحاح ـ مادة غمم.