بك الماء من قبل أن تتمّه وأوتيت بالماء ، فأتمّ وضوءك إذا كان ما غسلته رطبا ، وان كان قد جفّ فأعد الوضوء. وان جفّ بعض وضوءك قبل أن تتمّ الوضوء ، من غير أن ينقطع عنك الماء ، فاغسل ما بقي ، جفّ وضوؤك أو لم يجف (١).
ولعله عوّل على ما رواه حريز عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ كما أسنده ولده في كتاب مدينة العلم ، وفي التهذيب وقفه على حريز ـ قال : قلت : إن جفّ الأول من الوضوء قبل أن أغسل الذي يليه؟ قال : « إذا جفّ أو لم يجف ، فاغسل ما بقي » (٢). وحمله في التهذيب على جفافه بالرّيح الشديد ، أو الحرّ العظيم ، أو على التقية.
قلت : التقيّة هنا أنسب ، لأنّ في تمام الحديث : قلت : وكذلك غسل الجنابة؟ قال : « هو بتلك المنزلة ، وابدأ بالرأس ، ثم أفض على سائر جسدك ». قلت : فان كان بعض يوم؟ قال : « نعم ». وظاهر هذه المساواة بين الوضوء والغسل فكما ان الغسل لا يعتبر فيه الريح الشديدة والحر ، كذلك الوضوء.
وفي من لا يحضره الفقيه اقتصر على حكاية كلام والده (٣) وظاهره اعتقاده. وهذا فيه تصريح بأن المتابعة الترتيب ، وان الموالاة ما أتي بعدها. وفي المقنع ذكر ذلك ولم يذكر المتابعة (٤).
وقال المفيد : ولا يجوز التفريق بين الوضوء ، فيغسل وجهه ثم يصبر هنيهة ثم يغسل يده ، بل يتابع ذلك ويصل غسل يده بغسل وجهه ، ومسح رأسه بغسل يديه ، ومسح رجليه بمسح رأسه ، ولا يجعل بين ذلك مهلة إلا لضرورة. ثم اعتبر الجفاف عند الضرورة (٥).
واحتج له في التهذيب بخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال :
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٥.
(٢) التهذيب ١ : ٨٨ ح ٢٣٢ ، الاستبصار ١ : ٧٢ ح ٢٢٢.
(٣) الفقيه ١ : ٣٥.
(٤) المقنع : ٦.
(٥) المقنعة : ٥.