بعدد كل شعرة مرّت عليها حسنة ». قال : وان وجد باكيا سكّت بلطف ، فعن العالم عليهالسلام : « إذا بكى اليتيم اهتزّ له العرش ، فيقول الله تبارك وتعالى : من هذا الذي أبكى عبدي الذي سلبته أبويه ، فو عزّتي وجلالي وارتفاع مكاني لا يسكته عبد إلاّ وجبت له الجنة » (١).
ويعزّى المسلم بقريبه الذمي ، والدعاء للمسلم. واختلف في تعزية الذمي ، فمنعه في المعتبر ، لأنّه موادّة منهي عنها (٢) ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تبدءوهم بالسلام » (٣) وهذا في معناه. وجوزه في التذكرة ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عاد يهوديا في مرضه وقال له : « أسلم » ، فنظر الى أبيه فقال له أبوه : أطع أبا القاسم فأسلم ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الحمد لله الذي أنقذه من النار » ، والتعزية في معنى العيادة (٤). وأجيب : لعلّه لرجاء إسلامه.
وبالغ ابن إدريس ـ رحمهالله ـ فمنع من تعزية المخالف للحق مطلقا إلاّ لضرورة ، فيدعو له بإلهام الصبر لا بالأجر ، ويجوز الدعاء لهم بالبقاء ، لما ثبت من جواز الدعاء لهم به في أخبار الأئمة عليهمالسلام. قال : وليقل لأخيه في الدين : ألهمك الله صبرا واحتسابا ، ووفّر لك الأجر ، ورحم المتوفّى وأحسن الخلف على مخلّفيه ، أو يقول : أحسن الله لك العزاء ، وربط على قلبك بالصبر ، ولا حرمك الأجر. ويكفي : آجرك الله (٥).
قال : وليس في تعزية النساء سنّة (٦). ويدفعه ما سبق.
__________________
(١) بنصه في الفقه المنسوب للإمام الرضا عليهالسلام : ١٧٢ ، وهو ينسب ـ فيما ينسب إليه ـ لعلي بن بابويه. راجع مقدّمة الكتاب ص ٣٧ ـ ٤٢.
(٢) المعتبر ١ : ٣٤٣.
(٣) صحيح مسلم ٤ : ١٧٠٧ ح ٢١٦٧٠ ، سنن أبي داود ٤ : ٣٥٢ ح ٥٢٠٥ ، الجامع الصحيح ٤ : ١٥٤ ح ١٦٠٢.
(٤) تذكرة الفقهاء ١ : ٥٨.
والرواية في مسند أحمد ٣ : ٢٨٠ ، صحيح البخاري ٢ : ١١٨ ، سنن أبي داود ٣ : ١٨٥ ح ٣٠٩٥.
(٥) السرائر : ٣٤.
(٦) السرائر : ٣٤.