وأما الاجتهادات فقد تضمنت السيرة حاله صلى الله عليه في ذلك حتى أنه (١) يكاد يموت من خشية الله بحيث يحرك فلا يتحرك ويزوى فلا ينزوي (٢).
__________________
(١) ن بزيادة : كان.
(٢) ذكر الصدوق رحمهالله في أماليه : ٧٢ قال :
حدثنا عبد الله بن النضر بن سمعان التميمي الخرقاني رحمهالله ، قال حدثنا جعفر بن محمد المكي ، قال : اخبرنا أبو محمد عبد الله بن اسحاق المدايني عن محمد بن زياد ، عن مغيرة عن سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن ابيه عروة بن الزبير ، قال : كنا جلوسا في مجلس في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فتذاكرنا اعمال أهل بدر ، وبيعة الرضوان ، فقال ابو الدرداء : يا قوم الا أخبركم بأقل القوم مالا ، وأكثرهم ورعا ، وأشدهم اجتهادا في العبادة؟ قالوا : من؟ قال : علي بن ابي طالب ، قال : فو الله ان كان في جماعة أهل المجلس الا معرض عنه بوجهه ، ثم انتدب له رجل من الانصار ، فقال له : يا عويمر لقد تكلمت بكلمة ما وافقك عليها احد منذ اتيت بها ، فقال ابو الدرداء : يا قوم ، اني قائل ما رأيت ، وليقل كل قوم منكم ما رأوا ، شهدت علي بن ابي طالب بشويحطات النجار ، وقد اعتزل عن مواليه ، واختفى ممن يليه ، واستتر بمغيلات النخل فافتقدته وبعد عليّ مكانه ، فقلت لحق بمنزله ، فاذا انا بصوت حزين ، ونغمة شجي ، وهو يقول : الهي كم من موبقة حملت عني فقابلتها بنعمتك ، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك ، الهي ان طال في عصيانك عمري ، وعظم في الصحف ذنبي فما أنا مؤمل غير غفرانك. ولا أنا براج غير رضوانك ، فشغلني الصوت ، واقتفيت الاثر ، فاذا هو علي بن ابي طالب بعينه ، فاستترت له ، فأخملت الحركة ، فركع ركعات في جوف الليل الغابر ، ثم فزع الى الدعاء والبكاء والبث والشكوى ، فكان مما به الله ناجى أن قال : الهي ، افكر في عفوك فتهون عليّ خطيئتي ، ثم اذكر العظيم من أخذك فتعظم عليّ بليتي ، ثم قال : آه ، ان أنا قرأت في الصحف سيئة انا ناسيها ، وأنت محصيها ، فتقول ، خذوه ، فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ، ولا تنفعه قبيلته ، يرحمه الملا اذا اذن فيه بالنداء ، ثم قال : آه ، من نار تنضج الأكباد والكلى ، آه من نار نزاعة للشوى ، آه من غمرة من ملهبات لظى.
قال ثم : انغمر في البكاء ، فلم اسمع له حسا ولا حركة ، فقلت غلب عليه النوم لطول السهر ، اوقظه لصلاة الفجر ، قال أبو الدرداء : فأتيته فاذا هو كالخشبة الملقاة ، فحركته فلم يتحرك ، وزويته فلم ينزو ، فقلت : ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) ، مات والله علي بن ابي طالب ، قال : فأتيت منزله مبادرا أنعاه اليهم ، فقالت فاطمة : يا أبا الدرداء ما كان من شأنه ومن قصته