روى ذلك أبو الدرداء (١) وليس من عدادنا.
وأما الأنساب فله الصفوة منها (٢).
وأما الفضائل الباطنة فيدل عليها قرائن أحواله صلى الله عليه وميمون سيرته وأنه كان لا يغضي على شيء يقتضي مخالفة رسم الله إلا أن يكون مقهورا عند إغضائه ومساهلته وقد تضمنت الآثار النبوية من ذلك فنونا معروفة ينقلها المخالف لنا (٣) وبينها وبين الذي ذهب إليه أبو
__________________
فأخبرتها الخبر ، فقالت : هي والله يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله ، ثم اتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق ، ونظر اليّ وأنا ابكي فقال : مما بكاءك يا أبا الدرداء؟ فقلت : مما أراه تنزله بنفسك ، فقال : يا أبا الدرداء ولو رأيتني ودعي بي الى الحساب ، وايقن أهل الجرائم بالعذاب ، واحتوشتني ملائكة غلاظ ، وزبانية فظاظ ، فوقفت بين يدي الملك الجبار ، قد اسلمني الأحباء ، ورحمني أهل الدنيا ، لكنت أشد رحمة ليّ بين يدي من لا تخفى عليه خافية ، فقال ابو الدرداء فو الله ما رأيت ذلك لأحد من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(١) هو عويمر بن عامر ، وقيل هو عويمر بن قيس بن زيد وقيل غير ذلك ، شهد احدا وما بعدها من المشاهد ، وقيل لم يشهد احدا لأنه تأخر اسلامه ، وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد ، ولى القضاء بدمشق من قبل عمر ، وقيل بل ولاه عثمان والأمير معاوية ، مات سنة ٣٢ وقيل ٣١.
انظر : الاستيعاب : ٣ / ١٢٢٧.
سير اعلام النبلاء : ٢ / ٣٣٥. تهذيب التهذيب : ٨ / ١٧٥.
(٢) ويكفينا في ذلك قول ابن ابي الحديد في شرح النهج : ١ / ٢٩ فانه قال :
وما أقول في رجل أبوه أبو طالب سيد البطحاء ، وشيخ قريش ، ورئيس مكة ، قالوا : قل ان يسوّد فقير وساد أبو طالب ، وهو فقير لا مال له ، وكانت قريش تسمية الشيخ. ( الى أن قال ) وله مع شرف هذه الابوة ، ان ابن عمه محمد سيد الأولين والآخرين ، وأخاه جعفر ذو الجناحين الذي قال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اشبهت خلقي وخلقي ، فمرّ يحجل فرحا ، وزوجته سيدة نساء العالمين ، وابنيه سيدا شباب أهل الجنة ، فآباءه آباء رسول الله ، وامهاته امهات رسول الله ، وهو مسوط بلحمه ودمه ، لم يفارقه منذ خلق الله آدم ، الى ان مات عبد المطلب بين الأخوين عبد الله وأبي طالب ، وامهما واحدة ، فكان منهما سيدا الناس هذا الأول وهذا التالي ، وهذا المنذر وهذا الهادي.
(٣) المتقي الهندي في منتخب كنز العمال ( المطبوع بهامش المسند ٥ / ٤٤٩ ط مصر ) :