إذا عرفت هذا فلو لا أن ملقح الفتن عدو مبين لأمير المؤمنين صلوات الله عليه ما كان يعد هذه المقاصد في قبيل المعايب
إذا محاسني
اللائي أمت (١) بها |
|
صارت ذنوبا (٢) فقل لي كيف أعتذر |
علي نحت المعاني
(٣) من أماكنها |
|
وما علي لهم أن
تفهم البقر (٤). |
هل يعيب عاقل ساعيا في مواد الإحسان إلى الفقراء والقرباء والحج إلى بيت الله الحرام هذا رأي مهين ممن اعتمده مزاج سوء ممن قصده وغير مستغرب ذلك من خليط ابن الزيات (٥) وعشيرة
__________________
(١) ق : امث وفي ديوان البحتري : ادل.
(٢) في الديوان : كانت ذنوبي.
(٣) في الديوان : القوافي من مقاطعها.
(٤) البيتان هما للبحتري ( ٨٢٠ ـ ٨٩٧ ) من قصيدة يمدح بها علي بن مر الارمني مطلعها :
الشيب زجر له لو كان ينزجر |
|
وبالغ منه لو لا انه حجر |
(٥) هو ابو جعفر محمد بن عبد الملك بن ابان بن حمزة المعروف بابن الزيات ، وزّر لثلاثة خلفاء من بني العباس وهم : المعتصم والواثق والمتوكل.
كان ابوه زياتا الا انه كان كثير المال ، وكان محمد شديد القسوة ، صعب العريكة ، لا يرق لاحد ولا يرحمه وكان يقول : الرحمة خور في الطبيعة.
وكان ابن الزيات المذكور قد اتخذ تنورا من حديد ، واطراف مساميره المحددة الى داخل ، وهي قائمة مثل رووس المسال في ايام وزارته وكان يعذب فيه المصادرين ، وارباب الدواوين المطلوبين بالاموال ، ولم يسبقه احد الى هذه المعاقبة ، وكان اذا قال له احد منهم : ايها الوزير ارحمني ، فيقول له : الرحمة خور في الطبيعة فلما اعتقله المتوكل ، امر بادخاله في التنور وقيده بخمسة عشر رطلا من الحديد فقال : يا أمير المؤمنين ارحمني ، فقال له : الرحمة خور في الطبيعة.
قتل ابن الزيات سنة ٢٣٣.
قال ابن خلكان : وكان الجاحظ منقطعا اليه ( يعني ابن الزيات ) فخاف ان يوخذ مع اسبابه فغاب.