وقد سبق من قبل في كلام المخذول على ما حكيته عنه أن جماعة كانوا مخصوصين بحفظ القرآن على عهد رسول الله فكيف يحفظ شيء (١) لم يجمع بعد ولكن المخذول يتكلم (٢) بحسب الهوى غير ناظر في عاقبة.
وطعن بما أن السائل إذا سأل عن علماء التأويل ذكروا ابن عباس ونحوه ولم يذكروه (٣) وقد سبق جواب الجاهل عن ذلك وأتمم ذلك فأقول :
إنه قد يكون إغفال ذكره لاشتهار أمره إذ الشمس لا تحتاج إلى دال عليها ولا كاشف لها وأما أن أبا بكر وعمر لا يذكران في علماء التأويل كما قال فإن الوجه فيه عدم ضبطهما القرآن وحفظه فكيف يتأول متأول شيئا لا يحويه ولا يدريه.
وقد كان عمر رضوان الله عليه حفظ البقرة في سبع عشرة سنة وقيل في اثنتي عشرة سنة ونحر جزورا (٤).
وهذا يوضح عذره رضوان الله عليه في عدم المعرفة بالتأويل وكذا نعذر أبا بكر (٥) في عدم المعرفة بالأب وعمر أيضا (٦).
__________________
(١) ن : بزيادة : و.
(٢) ن : تكلم.
(٣) العثمانية : ١٢١.
(٤) عن عبد الله بن عمر ، قال : تعلم عمر سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزورا. انظر : تفسير القرطبي ١ / ٣٤ وشرح ابن ابي الحديد : ٣ / ١١١ والدر المنثور : ١ / ٢١.
(٥) اخرج ابو عبيدة عن ابراهيم التيمي قال :
سئل ابو بكر عن قوله تعالى : ( وَفاكِهَةً وَأَبًّا )؟ فقال : اي سماء تظلني؟ او اي ارض تقلني ان قلت في كتاب الله ما لا اعلم؟ وفي لفظ القرطبي : اي سماء تظلني؟ واي ارض تقلني؟ واين اذهب؟ وكيف اصنع؟ اذا قلت في حرف من كتاب الله بغير ما اراد تبارك وتعالى.
ذكره القرطبي في تفسيره : ١ / ٢٩ الزمخشري في الكشاف : ٣ / ٢٥٣ وابن كثير في تفسيره : ١ / ٥ الخازن في تفسيره : ٤ / ٣٧٤ النسفي في تفسيره : ٨ / ٣٨٩ السيوطي في الدر المنثور : ٦ / ٣١٧ ابن حجر في فتح الباري : ١٣ / ٢٣٠.
(٦) عن انس بن مالك قال :