ولم أثبت ما أعرفه من الطرق (١) في ذلك إذ هذا الموضع موضع إيجاز (٢) الغرض منه ما ينهض بالرد على الجاحظ ومنع أن يكون سلمان رضياللهعنه قال ما قال من الكلام الفارسي لأنه كان يريد تثبيت إمامة علي عليهالسلام والحاضرون عرب (٣).
والجواب بما أن المصدور ينفث ولو كان خاليا ويتأوه ولو كان فريدا ولما رأى سلمان أن الرئاسة قد خرجت عن يد أربابها وغلب عليها الأبعد دون الأقرب والمفضول دون الأفضل قال ما قال اتباعا لعادة المكروب عند كربته وشدته.
قال وإذا كان جميع من حضر لا يعرف تفسير الكلمة تعين أن يكون سلمان فسرها لهم ولو كان كذا لنقل (٤). وأقول :
إن هذا فاسد وما يدري الجاحظ أنه ما حضر المجلس من يفهم الكلمة إذ العرب كانوا مترددين إلى بلاد فارس وغيرها فبين مستجد (٥) وتاجر أو معاشرين لمن كان هذا فنه.
أما أن العرب الذين حضروا ما خلطوا أعجميا ولا من خالط أعجميا عرفوا منه شيئا من كلام العجم فتحكم ساقط مدفوع لا يذهب إليه ذو حس وأما أنه لو كان فسرها لنقل فممنوع إذ الجمهور ممن حضر كانوا
__________________
(١) ن : الطريق.
(٢) ق : انجاز.
(٣) قال الجاحظ : وان كان سلمان على ما قد وصفتم ، وبالمكان الذي وصفتم من الحكمة والبيان ، فما دعاه الى ان يكلم العرب والاعراب بالفارسية ، وهو عربي اللسان فصيح الكلام ، وهو يعلم انه لم يكن بحضرة المدينة فرس ولا من يتكلم بالفارسية ولا من يفهمها. انظر العثمانية : ١٨٧.
(٤) العثمانية : ١٨٨ نقله بالمعنى.
(٥) ق : مستنجد.