وأبي بكر مع الذي يقال من التفاوت بينهما (١).
ولقد استطرف غير مستطرف إذ كل متلبس بمذهب لا بد ناصره كيف اختلفت الحال فيه (٢) ساريا في بيداء هواه سائرا في فلوات غرضه.
وفي السيرة أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لمالك بن الصيف وكان حبرا سمينا إن التوراة تضمنت أن الله لا يحب الحبر السمين فجحد التوراة وهي مذهبه وقال ( ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ) وخاصة إذا كان الفريقان لا يخلوان من ذي ذهن ولا يعدمان ذا بلاغة.
أقول وقد رأينا عيانا أبا عثمان صاحب هذا التعجب صنف كتابا ينصر فيه الأضداد (٣) يمدح الشيء ويضع منه ويطري الفن وينزع قلائد الثناء عنه ومن أعطي بلاغة وجرى مع رياح هواه لا يكاد يقف بإزائه شيء إن كان الرجل بطلا شجاعا مقداما ندبا قيل أهوج وإن كان مترددا متضجعا (٤) متريبا (٥) قيل جبان وإن كان سخيا قيل مبذر وإن كان متوقفا قيل شحيح وإن كان بليغا قيل متكلف وإن كان مقصرا قيل بليد وإن كان مشغولا بالعلوم قيل هو للنوافل مهمل وإن اشتغل بالنوافل قيل هو للعلوم (٦) مهمل وإن كان حليما قيل ذليل وإن كان مؤاخذا قيل حقود.
وقد رأينا في العيان ممدوحا جدا (٧) مذموما جدا والخلاف دائر بين
__________________
(١) العثمانية : ٢٤٩.
(٢) لا توجد في : ن.
(٣) زيادة ( و) في : ق.
(٤) ضجّع وتضجع في الامر : قصر فيه وتعقد ولم يقم به ( المنجد ).
(٥) ج وق : رثيبا ( كذا ).
(٦) ن بزيادة : اصل التنفلات.
(٧) ق وج : جاحدا.