مقامات الإسلام في شيء إذ للفضائل والتفاخر مقام غير هذا المقام مع أن الإسكافي أجاب عن هذا الكلام بما هو معروف (١).
__________________
(١) قال ابو جعفر الاسكافي ( في رده على عثمانية الجاحظ المطبوع في آخر كتاب العثمانية ص ٣١٣ ) :
ما أعجب هذا القول ، اذ تدعي العثمانية لأبي بكر الرفق في الدعاء وحسن الاحتجاج وقد اسلم ومعه في منزله ابنه عبد الرحمن فما قدر أن يدخله الاسلام طوعا برفقه ولطف احتجاجه ، ولا كرها بقطع النفقة عنه وادخال المكروه عليه ، ولا كان لابي بكر عند ابنه عبد الرحمن من القدر ما يطيعه فيما يأمره به ويدعوه اليه ، كما روي ان أبا طالب فقد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يوما وكان يخاف عليه من قريش أن يغتالوه فخرج ومعه ابنه جعفر يطلبان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فوجده قائما في بعض شعاب مكة يصلي وعلي عليهالسلام معه عن يمينه ، فلما رآهما أبو طالب قال لجعفر : تقدم وصل جناح ابن عمك! فقام جعفر عن يسار محمد صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم فلما صاروا ثلاثة تقدم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتأخر الاخوان ، فبكى أبو طالب وقال :
ان عليا وجعفرا ثقتي |
|
عند ملمّ الخطوب والنوب |
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما |
|
اخي لأمي من بينهم وأبي |
والله لا اخذل النبي ولا |
|
يخذله من بنيّ ذو حسب |
فتذكر الرواة ان جعفرا اسلم منذ اليوم لأن أباه أمره بذلك وأطاع امره ، وابو بكر لم يقدر على ادخال ابنه عبد الرحمن في الاسلام ، حتى أقام بمكة ، على كفره ثلاث عشرة سنة ، وخرج يوم احد في عسكر المشركين ينادي : انا عبد الرحمن بن عتيق هل من مبارز!! ثم مكث بعد ذلك على كفره حتى أسلم عام الفتح ، وهو اليوم الذي دخلت فيه قريش في الاسلام طوعا وكرها ، ولم يجد احد منها الى ترك ذلك سبيلا.
وأين كان رفق ابي بكر وحسن احتجاجه عند ابيه أبي قحافة وهما في دار واحدة؟ هلاّ رفق به ودعاه الى الاسلام فاسلم ، وقد علمتم انه بقي على الكفر الى يوم الفتح فاحضره ابنه عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو شيخ كبير رأسه كالثغامة فنفر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منه وقال : غيروا هذا فخضبوه ثم جاءوا به مرة اخرى فاسلم ، وكان ابو قحافة فقيرا مدقعا سيئ الحال وأبو بكر عندهم كان مثريا فائض المال ، فلم يمكنه استمالته الى الاسلام بالنفقة والاحسان.
وقد كانت امرأة أبي بكر ام عبد الله ابنه ـ واسمها نملة بنت عبد العزى بن اسعد بن عبدود العامرية ـ لم تسلم وأقامت على شركها بمكة ، وهاجر أبو بكر وهي كافرة ، فلما نزل قوله تعالى ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) فطلقها أبو بكر. فمن عجز عن ابنه وابيه وامرأته فهو عن