أضربنا عن هذا (١) فإن الذي نحن فيه حال الإسلام وتقدمه
__________________
ثم قال ابن أبي الحديد : ذكر هذا الخبر كله شيخنا أبو عثمان في كتاب ( السفيانية ) وذكره جماعة غيره في باب فراسة عمر.
وايضا ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج : ١٢ / ٢٥٨ عن محمد بن سعد عن الواقدي ، عن محمد بن عبد الله الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، قال : قال عمر : لا أدري ما اصنع بامة محمد ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ـ؟ وذلك قبل أن يطعن ، فقلت : ولم تهتم وأنت تجد من تستخلفه عليهم؟ قال : أصاحبكم؟ ـ يعني عليا قلت نعم هو لها أهل ، في قرابته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وصهره وسابقته وبلاءه ، قال : ان فيه بطالة وفكاهة ، فقلت : فأين أنت من طلحة؟ قال : فاين الزهو والنخوة! قلت : عبد الرحمن؟ قال : هو رجل صالح على ضعف فيه ، قلت : فسعد؟ قال : ذاك صاحب مقنب وقتال لا يقوم بقرية لو حمل أمرها ، قلت : فالزبير؟ قال : وعقة لقس ( د ) ، مؤمن الرضا كافر الغضب ، شحيح ، وأن هذا الأمر لا يصلح الا لقوي في غير عنف ، رفيق في غير ضعف ، وجواد في غير سرف ، قلت : فأين أنت عن عثمان؟ قال : لو وليها لحمل بني أبي معيط على رقاب الناس ولو فعلها لقتلوه.
( ثم قال ابن ابي الحديد ) وقد يروى من غير هذا الطريق أن عمر قال لأصحاب الشورى : روحوا اليّ ، فلما نظر اليهم قال : قد جاءني كل واحد منهم يهز عفريته ، يرجو أن يكون خليفة. أما أنت يا طلحة ، أفلست القائل : ان قبض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم انكح أزواجه من بعده! فما جعل الله محمدا أحق ببنات أعمامنا منا فأنزل الله تعالى فيك : ( وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ) وأما أنت يا زبير فو الله ما لآن قلبك يوما ولا ليلة ، وما زلت جلفا جافيا وأما أنت يا عثمان ، فو الله لروثة خير منك ، وأما أنت يا عبد الرحمن فانك رجل عاجز تحب قومك جميعا ، وأما انت يا سعد ، فصاحب عصبية وفتنة ، وأما انت يا علي فو الله لو وزن ايمانك بايمان أهل الأرض لرجحهم ، فقام عليّ مولّيا يخرج ، فقال عمر : والله اني لاعلم مكان رجل لو وليتموه امركم لحملكم على المحجة البيضاء ، قالوا : من هو؟ قال : هذا المولّي من بينكم ، قالوا : فما يمنعك من ذلك؟ قال : ليس الى ذلك سبيل.
أ ـ الوعق : الضجر المتبرم ، واللقس : من لا يستقيم على وجه.
ب ـ البأو : الكبر والفخر.
ج ـ المقنب : صاحب الخيل.
د ـ رجل وعقة ولعقة : اذا كان فيه حرص ووقوع في الأمر.
(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في : ن.