__________________
ثم قال : ادعوهم لي ، فدعوهم فدخلوا عليه وهو ملقى على فراشه يجود بنفسه ، فنظر اليهم فقال : أكلكم يطمع في الخلافة بعدي! فوجموا ، فقال لهم ثانية ، فأجابه الزبير وقال : وما الذي يبعدنا منها؟ ولّيتها انت فقمت بها ولسنا دونك في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة.
فقال عمر : أفلا أخبركم عن أنفسكم؟ قال : قل : فانّا لو استعفيناك لم تعفنا. فقال : أما أنت يا زبير فوعق لقس ( أ ) مؤمن الرضا ، كافر الغضب ، يوما انسان ويوما شيطان ، ولعلها لو أفضت اليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مدّ من شعير ، أفرأيت أن افضت اليك فليت شعري ، من يكون للناس يوم تكون شيطانا ، ومن يكون يوم تغضب؟ وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الامة وأنت على هذه الصفة.
ثم أقبل على طلحة ـ وكان له مبغضا منذ قال لأبي بكر يوم وفاته ما قال في عمر ـ فقال له : أقول أم أسكت؟ قال : قل ، فانك لا تقول من الخير شيئا قال : أما اني أعرفك منذ اصيبت اصبعك يوم أحد والبأو ( ب ) الذي حدث لك ، ولقد مات رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ساخطا عليك بالكلمة التي قلتها يوم انزلت آية الحجاب.
قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ : الكلمة المذكورة ، ان طلحة لما انزلت آية الحجاب قال بمحضر ممن نقل عنه الى رسول الله ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ ما الذي يغنيه حجابهن اليوم ، وسيموت غدا فننكحهنّ ، قال ابو عثمان أيضا : لو قال لعمر قائل : انت قلت : ان رسول الله ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ مات وهو راض عن الستة ، فكيف تقول الآن لطلحة انه مات عليهالسلام ساخطا عليك للكلمة التي قلتها؟ لكان قد رماه بمشاقصة ولكن من الذي كان يجسر على عمر ان يقول له ما دون هذا. فكيف هذا.
قال : ثم اقبل على سعد بن ابي وقاص فقال : انما أنت صاحب مقنب ( ج ) من هذه المقانب ، تقاتل به وصاحب قنص وقوس واسهم وما زهرة والخلافة وامور الناس.
ثم أقبل على عبد الرحمن بن عوف فقال : وأما أنت يا عبد الرحمن فلو وزن نصف ايمان المسلمين بايمانك لرجح ايمانك به ، ولكن ليس يصلح هذا الأمر لمن فيه ضعف كضعفك ، وما زهرة وهذا الأمر.
ثم اقبل على علي عليهالسلام فقال : لله انت لو لا دعابة فيك ، أما والله لأن ولّيتهم لتحملنّهم على الحق الواضح ، والمحجة البيضاء.
ثم اقبل على عثمان ، فقال : هيها اليك ، كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبها اياك ، فحملت بني امية وبني أبي معيط على رقاب الناس وآثرتهم بالفيء ، فسارت اليك عصابة من ذؤبان العرب ، فذبحوك على فراشك ذبحا ، والله لان فعلوا لتفعلن ، ولأن فعلت ليفعلن ثم أخذ بناصيته فقال : فاذا كان ذلك فاذكر قولي ، فانه كائن.