والحصر المستفاد من كلمة « إنّما » يقتضي عدم إرادة المحبّ والناصر ؛ لعمومهما جميع المؤمنين كما يقتضي قوله تعالى : ( الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (١) ، وإلاّ يلزم كون التصدّق في حال الركوع من شروط تولّي المؤمن ، مضافا إلى أنّ مقتضى تلاؤم أجزاء الكلام أن لا يكون الوليّ هنا بمعناهما ؛ إذ لو كان بمعناهما كان المناسب « اتّخذوا الله ورسوله والذين آمنوا أولياء » ليدلّ على أنّ في مقابل ما جعله طرفا عليهم أعني اتّخاذ الكفّار وأمثالهم أولياء.
فتعيّن أحد الآخرين وكلّ منهما واف بإثبات المطلوب ؛ لاقتضاء الآية حينئذ كون المتولّي في أمور دنياهم ودينهم أو السلطان عليهم فيهما هو الله ورسوله وعليّ لا غيرهم ، والموصوف بهذا الوصف بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إمام ، فيلزم أن يكون إماما دون غيره وهو المطلوب.
[ فى بعض ما أورد على الاستدلال بآية الولاية ]
وأورد بعض المعاندين على هذا الاستدلال إيرادات واهية نوردها مع أجوبتها ، حذرا عن اختفائها على بعض الناظرين :
الأوّل : أنّ الوليّ يحتمل أن يكون بمعنى الناصر والمحبّ ، على ما يناسب ما قبل الآية ، وهو قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) الآية (٢) ؛ لعدم كون تلك الولاية بمعنى الإمامة ، بل تكون بمعنى النصرة والمحبّة ، وما بعدها وهو قوله تعالى : ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) الآية (٣) ، لكون التولّي هنا بمعنى المحبّة والنصرة دون الإمامة ، فيجب أن يكون ما بينهما أيضا كذلك ، ليتلاءم أجزاء الكلام.
__________________
(١) التوبة (٩) : ٧١.
(٢) المائدة (٥) : ٥١.
(٣) المائدة (٥) : ٥٦.