الجلي لآل البيت ، وما كان له من المواقف المحمودة في الذب عنهم ، ونصرته لهم نصرة مؤمن بهم ، موقن بما لهم من الدرجات الرفيعة .. ولما عرف الأئمة منه ذلك بجلوه غاية التبجيل ، وقربوه من أنفسهم ، وانزلوه منزلة الخواص من أصحابهم الثقاة من بطانتهم.
فمن الاخبار المعربة عن شخصيته المحترمة ما رواه أبو حنيفة الجمال قال : مر بنا المفضل انا وختني (١) نتشاجر في ميراث لنا ، فوقف علينا ساعة ثم قال : تعالا معي إلى المنزل ، فاتيناه فأصلح بيننا باربعمائة درهم ، ودفعها الينا من عنده حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه قال : أما انها ليست من مالي ، ولكن الإمام الصادق أمرنى إذا تنازع رجلان في شيء ان اصلح بينهما ، وافتديهما من ماله ، فهذا من مال الامام أبي عبد الله (٢).
ودخل المفضل مرة على الإمام الصادق ، فلما بصر به تبسم في وجهه ثم قال : إلي إلي يا مفضل فو ربى اني لأحبك وأحب من يحبك! .. يا مفضل لو عرف جميع أصحابى ما تعرف ما اختلف اثنان!. فقال له المفضل : يا ابن رسول الله لقد حسبت ان اكون قد أنزلت فوق منزلتي ..؟ فاجابه
__________________
(١) الختن : بفتحتين ـ كل من كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ جمعه اختان ، والمراد من اللفظ هنا ظاهرا هو الأخ.
(٢) أول من روى هذا الخبر ثقة الإسلام الكليني في كتابه : الكافي ونقله المجلسيّ في البحار مج ١١ ص ١٢٠ ، والنوريّ في المستدرك مج ٣ ص ٥٦٢ ، والمامقاني في تنقيح المقال مج ٣ ص ٢٣٨ ـ ٢٣٩.