هؤلاء من هذا الإدعاء بأن ما لاقاه الحسين عليهالسلام من قتل وابتلاء هو من صنع اللّه! ..هذا المنطق الذي يطمس الحقائق بصورة صارخة ، قد ظهر جليّا من خلال خطب الطاغية يزيد وواليه ابن زياد سواء في الكوفة أو الشام.
يقول المؤرخون : « جلس ابن زياد في القصر الأميري وأذن للناس عموما ، وجيء برأس الحسين عليهالسلام فوضع بين يديه ، واُدخل نساء الحسين عليهالسلام وصبيانه إليه ، فجلست زينب بنت علي عليهالسلام متنكرة ، فسأل عنها فقيل : زينب بنت علي عليهالسلام ، فأقبل إليها ، فقال : الحمد للّه الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم. فقالت : إنما يُفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا. فقال ابن زياد : كيف رأيت صنع اللّه باخيك وأهل بيتك؟ ـ لاحظ التزييف الديني ، فقد نسب ما اقترفته يده الآثمة إلى اللّه! ـ فقالت : ما رأيت إلاّ جميلاً ، هؤلاء قوم كتب عليهم القتال فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع اللّه بينك وبينهم فتُحاجّ وتُخاصم » (١).
والآن فلنترك الكوفة ونذهب إلى الشام ، فنجد يزيد قد وضع رأس الحسين عليهالسلام أمامه ، وجعل ينكث ثنايا الحسين عليهالسلام بقضيب خيزران! .. أثار هذا الموقف زينب عليهاالسلام حينما لم تجد أحداً يردّ عليه ، فوقفت تقذفه بحمم الحق ، ووضعت الأمور في نصابها الصحيح ، فقالت له ضمن ما قالت :
__________________
/ قسم الدراسات الإسلامية ، ـ ١٤٠٦ ه. فيض القدير شرح الجامع الصغير / المناوي ١ : ٢٦٥ ، و٥ : ٣١٣ ، ط ١ ـ ١٤١٥ه ، دار الكتب العلمية ، بيروت.
(١) الإرشاد / الشيخ المفيد ٢ : ١١٥. ومثير الأحزان / ابن نما الحلي : ٧١ ، تاريخ الطبري ٤ : ٣٤٩ ، البداية والنهاية / ابن كثير ٨ : ٢١ ، مقتل الحسين / أبو مخنف : ٩٤.