وإلاّ منعتك. فامتنع عليه الحسين ، وتدافع الفريقان ، واضطربوا بالسياط. وبلغ ذلك عمرو بن سعيد ، فخاف أن يتفاقم الأمر ، فأرسل إلى صاحب شرطة ، يأمره بالانصراف » (١).
ثم إن عدم اتجاه الإمام الحسين عليهالسلام إلى العراق بصورة مباشرة ـ وهو مقصده الرئيسي ـ وذهابه إلى مكة في موسم الحج ، يعطينا قناعة راسخة بأنه يريد إعلان دعوته على الملأ ، وخاصة في هذا الوقت الذي يكون عادةً وقتا مناسبا لتجمع الحجيج من كل فجٍّ عميق.
مهما يكن من أمر فانه عليهالسلام توجه إلى مكة لثلاث مضين من شعبان سنة ستين للهجرة ، فأقام بها وقضى فيها عدة أشهر : شعبان ورمضان وشوال وذي القعدة.
ولابدّ من التنويه على أن مكة أصبحت القاعدة الرئيسية للمعارضة ضد السلطة الأموية ، وفيها تحصّن عبد اللّه بن الزبير المعارض الثاني للسلطة ، وكان بإمكان الإمام أن يتحصّن في مكة ، ويستفيد من موقعها الديني المقدس ، وطبيعة أرضها الوعرة الصالحة لخوض حرب العصابات ، لكن الإمام عليهالسلام غادرها خوفا على قدسيتها من الدَّنس وخشيةً من إراقة الدماء فيها.
فبادر بالخروج منها قبل أن يبادر الطرف المعادي ويسعى لمحاصرته أو اغتياله ، حتى أن الفرزدق الشاعر عندما لاقى الحسين عليهالسلام في الطريق سأله باستغراب قائلاً له : « ما أعجلك عن الحج؟! ... فأجابه الحسين عليهالسلام :
__________________
(١) الأخبار الطوال : ١٨٤.