إفشال خطّة الاغتيال لأجل صيانة حرمة الحرم الإلهي ، ولكي لا يراق دمه في مكّة ، فاستبدل الحجّ بالعمرة ، وخرج من مكّة في الثامن من ذي الحجة » (١).
كما دسَّ إليه يزيد بعض رجال شرطته لاغتياله ، يقول عبد اللّه بن عباس في رسالته ليزيد : « وما أنسى من الأشياء فلست بناسٍ اطرادك الحسين بن علي من حرم رسول اللّه صلىاللهعليهوآله إلى حرم اللّه ، ودسّك إليه الرجال تغتاله ، فأشخصته من حرم اللّه إلى الكوفة ، فخرج منها خائفا يترقّب ، وقد كان أعزّ أهل البطحاء بالبطحاء قديما ، وأعزّ أهلها بها حديثا ، وأطوع أهل الحرمين بالحرمين لو تبوأ بها مقاما ، واستحلّ بها قتالاً » (٢).
وقد زاد من توجّس السلطة اليزيدية وصول سفير الحسين عليهالسلام مسلم ابن عقيل إلى الكوفة ، وقيامه بأخذ البيعة للحسين عليهالسلام ، وتهيئته المقدمات اللازمة لمقدم الإمام عليهالسلام ، وسعيه للسيطرة على بيت الإمارة في الكوفة.
وكانت الاستخبارات الأموية نشطة وفعالة في الكوفة ، فقامت بإرسال التقارير الدورية عن تحركات مسلم بن عقيل عليهالسلام ، وكذلك عن حالة أمير الكوفة النعمان بن بشير الذي كان ـ حسب تقييمهم ـ ضعيفا أو متضاعفا لعدم تصديه الحازم لنشاطات مسلم بن عقيل عليهالسلام ، ولعدم سيطرته على الأوضاع المضطربة في هذه الإمارة ذات الأهمية الاستراتيجية.
__________________
(١) أنظر : حياة الإمام الحسين / القرشي ٣ : ٤٦.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٤٩ ، دار صادر ، بيروت.