أحد. فقال : أنظر فيما قلت.
فلما كان السحر ارتحل الحسين عليهالسلام فبلغ ذلك ابنَ الحنفية فأتاه ، فأخذ بزمام ناقته ، وقد ركبها ، فقال له : يا أخي ، ألم تعدني النظر فيما سألتك؟ قال : بلى. قال ابنُ الحنفية : فما حداك على الخروج عاجلاً؟ قال : أتاني رسول اللّه صلىاللهعليهوآله بعدما فارقتُك ، فقال : يا حسين أخرج ، فان اللّه قد شاء أن يراك قتيلاً. فقال ابنُ الحنفية : إنا للّه وإنا اليه راجعون ، فما معنى حملك هؤلاء النسوة معك ، وأنت تخرج على مثل هذا الحال؟ فقال الحسين عليهالسلام : إن اللّه قد شاء أن يراهنّ سبايا. فسلّم عليه ومضى » (١).
إذن فالمشيئة الإلهية تسمو فوق الحسابات السياسية والقناعات الذاتية ، ولم يكن الحسين عليهالسلام خائفا على نفسه ـ مع تيقّنه بأن هؤلاء لا يتركوه وشأنه ـ بل كان خائفا على رسالته ودينه. فقد تعهّد له « عبداللّه بن جعفر » بأخذ الأمان له ولأمواله ولأهله ، مع ذلك أصغى الحسين عليهالسلام لنداء الغيب ، ولم يركن للأسباب. يقول الرّواة : « حاول عبداللّه بن جعفر إرجاع الحسين عليهالسلام إلى مكّة ، فقد كتب مع ولديه عون ومحمّد كتابا يقول فيه : أمّا بعدُ : فإنِّي أسألك باللّه لمّا انصرفت حين تنظرُ في كتابي ، فإنّي مشفق عليك من الوجه الذي توجّهت له أن يكون فيه هلاكُك واستئصال أهلِ بيتك ، إن هلكت اليوم طفئَ نورُ الأرض ، فإنّك عَلَمُ المهتدينَ ورجاءُ المؤمنينَ ، فلا تستعجلْ بالمسير فإنّي في أثر كتابي ، والسلامُ. وصار عبداللّه بن جعفر إلى عمرو بن سعيد فسأله أن يكتب للحسين أمانا ويُمنِّيَه ليرجع عن وجهه ،
__________________
(١) اللهوف في قتلى الطفوف : ٣٩ ـ ٤٠ ـ ط١ ، أنوار الهدى ، قم.