بكثرة كلامك » (١). علما بأنّ ابن القين ـ حسب رواية الطبري : « قد خرج على فرس له ذنوب ، شاكٍ في السلاح ، فقال : يا أهل الكوفة ، نذار لكم من عذاب اللّه نذار! إنّ حقّا على المسلم نصيحة أخيه المسلم ، ونحن حتى الآن إخوة ، وعلى دين واحد وملّة واحدة ، ما لم يقع بيننا وبينكم السيف ، وأنتم للنصيحة منّا أهل ، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة ، وكنّا أمّة وأنتم أمّة ... قال : فسبُّوه ، وأثنوا على عُبيداللّه بن زياد ، ودعوا له ، وقالوا : واللّه لا نبرح حتى نقتل صاحبك ومن معه ، أو نبعث به وبأصحابه إلى الأمير عبيداللّه سِلما. فقال لهم : عباد اللّه ، إنّ ولد فاطمة رضوان اللّه عليها أحقّ بالودّ والنصر من ابن سُمَيّة ، فإن لم تنصروهم فأعيذكم باللّه أنْ تقتلوهم ، فخلّوا بين الرجل وبين ابن عمّه يزيد بن معاوية ، فلعمري إنّ يزيد ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين. قال : فرماه شِمر بن ذي الجوشن بسهم » (٢).
وهكذا نلاحظ بأن الإمام عليهالسلام قد بالغ مع أصحابه في الدعوة إلى السِّلم مع الحرص الشديد على مَدّ جسور الفهم والتفاهم مع أعدائه ، وعليه كان يحجم عن إصدار أوامر القتال على الرغم من تدفّق القوات المعادية من حوله كالسيول حرصا منه على حقن دماء المسلمين وحلّ النِّزاع بالطرق السِّلمية ، لاسيما وانه اتبع وسائل سلمية عديدة منها : تذكيرهم بالكتب المرسلة إليه والعهود التي قطعت له بالولاء والنصرة ، كما أنه عرّفهم بنفسه
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٢٢٩ ، حوادث سنة إحدى وستين.
(٢) تاريخ الطبري ٦ : ٢٢٩ ، حوادث سنة إحدى وستين.