أمري والسلام » (١).
قاوم الحسين عليهالسلام هذا الأمر الصارم بكل قوة وعزم ، لكنه أبقى باب الحوار مع الحر مفتوحا ، فكلما أراد الإمام المسير كانوا يمنعونه تارة ويسايرونه أُخرى حتى بلغ كربلاء في اليوم الثاني من المحرم.
ولم يكتف ابن زياد بالقوة الضاربة المؤلفة من ألف فارس التي أرسلها في طليعة قواته مع الحر الرياحي ، حتى أرسل قوةً أُخرى إضافية لتشديد الحصار المضروب على قوات الإمام عليهالسلام ، وقد بلغت هذه القوة خمسة آلاف مقاتل بقيادة عمر بن سعد ، وكانت مكتملة التسليح والتجهيز ، وتملك مواد الإعاشة ووسائل التمويل من غذاء وماء.
وعندما أخذ الحل السِّلمي يتضاءل رويدا رويدا وباتت احتمالاته شبه معدومة ، اقترح بعض قادة جيش الحسين الميدانيين المبادرة بالقتال ، وفي هذا الصدد قال زهير بن القين : « إنِّي واللّه ما أراه يكون بعد الذي ترون إلا أشد مما ترون ، يا ابن رسول اللّه إن قتال هؤلاء الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا بعدهم ، فلعمري ليأتينا بعدهم ما لا قِبَل لنا به ، فقال الحسين عليهالسلام : ما كنت لأبدأهم بالقتال » (٢).
وتجدر الإشارة إلى أن ابن القين لم يصل إلى قناعته بالحرب إلاّ بعد أن بالغ في النُّصح بحيث وصل الأمر إلى أن يُرمى بسهم من قبل شمر بن ذي الجوشن الذي عنّفه على المبالغة في نصحه ، وقال له : « اسكت .. أبرمتنا
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٨٣.
(٢) الإرشاد ٢ : ٨٤ ، تاريخ الطبري ٦ : ٢١٨ ، حوادث سنة إحدى وستين.