وقصته الكاملة مدونة في كتب المقاتل ، ونحن قد اقتصرنا على موضع الحاجة وخاصة فيما يتعلق بالجانب العسكري.
استمرت المبارزة الفردية ، وخرج عندئذ مسلم بن عوسجة ، فسقط على الأرض مضرجا بدمه وبه رمق ، فمشى إليه الحسين القائد عليهالسلام ومعه حبيب بن مظاهر ، فأوصى مسلم بن عوسجة حبيبا بأن يقاتل دون الحسين عليهالسلام حتى الموت.
ثم خرج عمر بن قرظة الأنصاري ، وكان قد جعل من جسده درعا يتقي به السِّهام والرِّماح التي تنهال على الحسين عليهالسلام كالمطر ، فلا يأتي إلى الحسين عليهالسلام سهم الا اتقاه بيده ، ولا سيف الا تلقاه بمهجته ، فلم يكن يصل إلى الحسين القائد سوء حتى أُثخن بالجراح ، عندئذ التفت إلى قائده الحسين عليهالسلام وقال له : يابن رسول اللّه ، أوفيت؟ .. فقال الحسين القائد : « نعم أنت أمامي في الجنة » (١).
ولم يقتصر القتال على الأحرار من الرجال ، بل شارك فيه العبيد ، حيث برز جون مولى أبي ذر إلى الميدان ، فقال له الحسين عليهالسلام : « أنت في إذن مني ، فإنما تبعتنا طلبا للعافية ، فلا تبتل بطريقنا » (٢). فرفض القعود بإصرار ، وله كلمات معبّرة يذكرها أرباب المقاتل ، تدل على الوفاء والإباء.
بعدها برز من تبقى من الأنصار واحدا بعد الآخر حتى ذاقوا الحِمام ، وبقي مع الإمام الحسين عليهالسلام أهل بيته ، وهم بدورهم وردوا الميدان ابتداءً من
__________________
(١) اللهوف : ٦٤.
(٢) اللهوف : ٦٤.