ويقتضي التنويه على أن ما تطرقنا إليه من دروس عسكرية هو غيض من فيض ، فالدروس العسكرية والمواقف الحربية التي تمخضت عن معركة الطف القصيرة كثيرة وغنية بالعبر والتجارب. وهذه المعركة الغنية بالدروس نستفيد منها في صراعنا ضد القوى الغاشمة والمتجبرة ، حيث نخرج بنتيجة حاسمة هي : أن الدم سوف ينتصر على السيف ، وأن أبواق القوة لا تستطيع كتم صوت الحق ، وأن المعركة لا تقاس من الناحية العسكرية بعدد الخسائر بالأرواح ، بل تقاس بالحصول على هدف القتال المستقبلي والمعنوي المتمثل بفضح سياسة وأساليب القوى المتجبرة والتصدي لها.
ليست كربلاء مأساة فاجعة ، ومناسبة للعويل والبكاء وحسب ، بل هي في جوهرها مهرجان للحق ، وعيد للتضحية حيث تتجسد ـ مفهوميا وميدانيا ـ عظمة الثبات ، وروعة البطولة ، وعزّة الإيمان ، وجلال التضحية.
إن جذوة الحق والصمود التي أضاءها الإمام الحسين عليهالسلام وأصحابه بدمائهم الزكية ، لم يخب نورها باستشهاده ، بل ازدادت ألقا واندفاعا على نحو يبهر الألباب ، لذلك أخذت قوى الإيمان في كل مكان وزمان تتزود من الوقود ـ المعرفي والسلوكي ـ لمحطة كربلاء من خلال دراسة متأنية لأحداثها ومواقف الناس وأدوارهم فيها.
ونحن في هذه الفقرة نبحث عن الخصائص الأساسية ، التي جعلت من جيش الحسين عليهالسلام الذين يقارب عددهم الخمسون إذا ما استثنينا