لا محيص عن يوم خطّ بالقلم. رضى اللّه رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ، ويُوفّينا أجور الصّابرين ، لن تشذّ عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله لُحمتُه ، وهي مجموعة له في حَظيرة القُدس ، تقرّ بهم عينُه ، ويُنجز بهم وعده. من كان باذلاً فينا مهجته ، وموطّنا على لقاء اللّه نفسه ، فليرحل معنا ، فإنّني راحلٌ مصبحا إن شاء اللّه تعالى » (١).
وتابعت السماء اتصالها برجل الفداء ، وكانت الإشارات التي ترد عليه واضحة بلجاء بيضاء كوضح النهار ، لا تحمل في طياتها سوى النذر بأنه على موعد مع القدر ، قال أبو مخنف : حدَّثني عبدالرحمن بن جُندُب ، عن عقبة بن سمعان قال : «لمّا كان في آخر الليل أمر الحُسين عليهالسلام بالاستسقاء من الماء ، ثمّ أمرنا بالرحيل ، ففعلنا. قال : فلمّا ارتحلنا من قصر بني مقاتل وسرنا ساعة خفق الحسين عليهالسلام برأسه خفقة ، ثمّ انتبه وهو يقول : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، والحمد للّه ربّ العالمين. قال : ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثا ، قال : فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين على فرس له فقال : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، والحمد للّه ربّ العالمين. يا أبت ، جعلت فداك! ممّا حمدت اللّه واسترجعت؟ قال : يا بني ، إنّي خفقت برأسي خفقة ، فعنّ لي فارس على فرس فقال : القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم ، فعلمت أنّها أنفسنا نُعيت إلينا ، قال له : يا أبت ، لا أراك اللّه سوءا ، ألسنا على الحقّ؟ قال : بلى والذي إليه مرجع العباد. قال : يا أبت ، إذا لا نُبالي ، نموت محقّين. فقال له : جزاك اللّه من
__________________
(١) اللهوف : ٣٨.