ولد خير ما جزى ولدا عن والده (١).
والأغرب من كل ذلك أنه كان يعلم مكان مصرعه ومصرع أصحابه ، في كربلاء ، وأنه سيكون محلاً لقبره وقبور أهل بيته وأصحابه ، مع أن النتائج كانت في رحم الغيب!! كل ذلك بفضل أخبار الرسول صلىاللهعليهوآله له ، ومن الشواهد التاريخية على ذلك أنه « لما سار عليهالسلام والحُرّ يسايره ويُمانعه ، حتى إذا وصلوا كربلاء ، قال : ما اسم هذه الأرض؟ فقيل : كربلاء ، فقال عليهالسلام : اللهمّ إنّي أعوذ بك من الكرب والبلاء. ثمّ قال : هذا موضع كرب وبلاء ، إنزلوا ، هاهنا محطّ رحالنا ، ومسفك دمائنا ، وهنا محلّ قبورنا ، بهذا حدثني جدي رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآله » (٢). وفي رواية أخرى اكتفى بالقول : « هذا موضع الكرب والبلاء ، هذا مناخ ركابنا ، ومحطّ رحالنا ، ومقتل رجالنا ، ومسفك دمائنا » (٣)
لقد أخذت إشارات الغيب تتوارد على الإمام عليهالسلام في حلّه وترحاله ، وفي يقظته ومنامه ، فكثيرا ما كان الرسول صلىاللهعليهوآله يترائى لسبطه ، فمرّة يصدر له الأوامر بالنهوض ، وأخرى يحمل له بشائر الشهادة وقرب اللِّحاق به ، وقد كشف الإمام عليهالسلام عن بعض تلك الاتصالات التي تحدث خلف ستار الغيب ، وقد أشرنا إلى البعض منها فيما سبق ومنها : « لما زحف ابنُ سعد على مُخيَّم الحسين عصر اليوم التاسع من المحرم. نادى : ياخيل اللّه اركبي
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٢١٧ ، حوادث سنة إحدى وستين ، دار الفكر ، الطبعة الأولى ١٤١٨ ه / ١٩٩٨ م.
(٢) اللهوف : ٤٩.
(٣) مناقب آل أبي طالب / ابن شهر آشوب ٤ : ٩٧ ، دار الأضواء ، بيروت.