ومن يقتُلنا يا رسول اللّه؟ قال : شِرار الناس » (١).
ومن الجدير بالذكر أن أمير المؤمنين عليهالسلام كان على علم بما يحمله رحم الغيب من مسلسل المآسي الذي سيقاسيه ولده الحسين عليهالسلام وأهل بيته من بعده ، وبأن الأحداث سوف تنفث سمّها ، وتبعث بلهبها لتكوي بيت علي بعد رحيل النبي صلىاللهعليهوآله ، عندما يحين الحين ويصرع الحسين عليهالسلام.
عن هرثمة بن سليم ، قال : «غزونا مع علي عليهالسلام صفين ، فلما نزل كربلاء صلَّى بنا ، فلما سلّم رفع إليه من تربتها فشمّها ثمّ قال : واها لك يا تربة! ليحشرنّ منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب » (٢).
وفي رواية الدَّينوري : « أنّ الحسين عليهالسلام لمّا نزل بكربلاء قال : وما اسم هذا المكان؟ قالوا له : كربلاء. قال : ذات كرب وبلاء. ولقد مرّ أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفين ، وأنا معه ، فوقف فسأل عنه ، فأُخبر باسمه ، فقال : هاهنا محطّ ركابهم ، وهاهنا مهراق دمائهم. فسئل عن ذلك ، فقال : ثقل لآل بيت محمد ، ينزلون هاهنا » (٣).
وها هي كربلاء تكبر مكانتها يوما بعد يوم ، وعلى حدّ وصف العقاد : « فهي اليوم حرم يزوره المسلمون للعبرة والذكرى ، ويزوره غير المسلمين للنظر والمشاهدة ، ولكنّها لو أعطيت حقّها من التنويه والتخليد ، لحقّ لها أن تصبح مزارا لكلّ آدمي يعرف لبني نوعه نصيبا من القداسية وحظا من
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ١٣١.
(٢) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ٣ : ١٦٩ ، دار احياء التراث العربي.
(٣) الأخبار الطوال : ١٨٩.