بها ، تقول كتب السيرة بأن أهل البيت عليهمالسلام عندما يدخلون الصلاة يرتعدون ارتعاد المحموم ، ويرتجفون كريشة في مهب الريح ، ويقفون في الصلاة بكل خضوع وخشوع.
وعندما ننتخب الحسين عليهالسلام ـ وهو أحد أقطاب آل البيت عليهمالسلام ـ نموذجا لمعرفة مدى صلتهم بالصلاة ، حينئذ نرى عجبا ، نرى هذه الشخصية الكبيرة تنصهر تماما في بوتقة الصلاة ، على الرغم من المعاناة التي كان يقاسيها ، والمأساة التي نسجت من حوله خيوطها السوداء في كربلاء.
كان ـ مع ذلك ـ عندما يقف للصلاة ينسى ما حوله ومَن حوله ، مما دعا العرفاء الذين نظروا إلى النهضة الحسينية من زاويتها العرفانية أو ما فوق العقلية أن يطلقوا عليها تسمية مدرسة العشق.
ففي تلك الليلة العصيبة ، ليلة العاشر من المحرم ، اجتمعت كل الظروف والعوامل التي تبعث على اليأس والوهن والضعف ، تراه يبدأ خطبته في مثل هذه الظروف بروح مختلفة تماما ، فجمع الحسين عليهالسلام أصحابه عند قرب المساء. قال علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام : « فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم ، وأنا إذ ذاك مريض ، فسمعت أبي يقول لأصحابه : أُثني على اللّه أحسن الثناء ، وأحمدُهُ على السراء والضراء ، اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة وعلّمتنا القرآن وفقّهتنا في الدين ، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ، فاجعلنا من الشاكرين » (١).
إذا « في ظل تلك الظروف الصعبة والعسيرة ، ترى الحسين عليهالسلام ينطق
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٩١.